في رد منافٍ للحقيقة، زعمت حكومة قطر، عدم صحة الاتهامات التي تضمنها تقرير لمنظمة العفو الدولية بأن آلاف العمال الوافدين في الدولة المضيفة لكأس العالم 2022 محاصرون ويتم استغلالهم.
وقال مكتب الاتصال الحكومي القطري: إنه يرفض المتداول بشأن إصلاحات العمل التي لم تسفر عن تغييرات على أرض الواقع بالنسبة لآلاف العمال الوافدين، مدعيا أن العمل لا يزال جاريا للانتهاء من تطوير النظام الخاص بالعمل في البلاد.
وزعم المكتب أن تقرير منظمة العفو الدولية تجاهل تمكن 242870 عاملاً من تغيير جهة عملهم منذ الإعلان عن تسهيل إجراءات انتقال العامل بين جهات العمل المختلفة في سبتمبر 2020، مدعياً أن التقرير لم يشر أيضًا إلى استفادة أكثر من 400 ألف عامل بشكل مباشر من الحد الأدنى الجديد للأجور الذي نتج عنه زيادة في الرواتب والحصول على حوافز مالية أخرى.
ويأتي ذلك بعد تقرير منظمة العفو المؤلف من 48 صفحة، بعنوان “تصويب الحقائق 2021″، الذي تضمن أن ممارسات مثل حجب الرواتب وفرض رسوم على العمال الراغبين في تغيير جهة العمل لا تزال منتشرة على الرغم من الإصلاحات المتعلقة بنظام العمل والتي أجريت في عام 2014.
وقالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه لم يبقَ سوى عام واحد على انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كي تفي قطر بوعدها الخاص بإلغاء نظام الكفالة، وتحسين مستوى حماية العمال الأجانب.
وأضافت المنظمة في تحليل جديد بشأن خطوات قطر في مجال إصلاح نظام العمل، حيث وجدت المنظمة أن التقدم قد توقف في العام الماضي، وأن العادات السيئة عاودت الظهور في إحياء لأسوأ عناصر نظام الكفالة، وتقويض لبعض الإصلاحات التي أُدخلت مؤخراً، وإن الواقع اليومي للعديد من العمال الأجانب في البلاد لا يزال قاسياً، على الرغم من التغييرات القانونية التي أُدخلت منذ عام 2017.
وفي خضم تصاعد التدقيق في سجل قطر في مجال حقوق الإنسان مع اقتراب موعد انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم، دعت منظمة العفو الدولية السلطات القطرية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتسريع عملية الإصلاح قبل فوات الأوان.
وأشارت إلى أن العد العكسي الأخير قد بدأ، ولكنّ الوقت لم يفتْ لترجمة الأقوال إلى أفعال، مؤكدة أنه قد آن الأوان لأن تتحلى السلطات القطرية بالشجاعة الكافية لتبنّي برنامج إصلاحات العمل بشكل كامل؛ إذ إن أي تقدم تم إحرازه سيضيع إذا قبلت قطر بالتنفيذ الضعيف للسياسات وتقاعست عن مساءلة المسيئين.
ومن ناحيته، أكد مارك دوميت، مدير برنامج القضايا العالمية: “أن العد العكسي الأخير قد بدأ، ولكنّ الوقت لم يفتْ لترجمة الأقوال إلى أفعال. وقد آن الأوان لأن تتحلى السلطات القطرية بالشجاعة الكافية لتبنّي برنامج إصلاحات العمل بشكل كامل؛ إذ إن أي تقدم تم إحرازه سيضيع إذا قبلت قطر بالتنفيذ الضعيف للسياسات وتقاعست عن مساءلة المسيئين”.
وأضاف: “إن رضا السلطات الواضح عن ذلك من شأنه أن يترك آلاف العمال عرضةً لخطر الاستغلال المستمر على أيدي عديمي الضمير من أصحاب العمل، وغير قادرين على تغيير وظائفهم ومعرَّضين لسرقة أجورهم، ويظل أملهم ضعيفاً في الحصول على الإنصاف أو التعويض أو العدالة. وبعد انتهاء بطولة كأس العالم، سيحيط شكّ أكبر بمصير العمال الذين سيبقون في قطر”.
وأكدت العفو الدولية أن القوانين التي أصدرتها قطر لم تكن كافية وكانت صورية، حيث إن التقاعس عن التطبيق يعني استمرار الاستغلال، فعلى سبيل المثال، مع أن قطر ألغت شرط الحصول على إذن خروج وشهادة عدم ممانعة لمعظم العمال الأجانب، ما يسمح لهم بمغادرة البلاد والانتقال إلى وظائف أخرى بدون الحصول على إذن الكفيل، فقد استمرت إجراءات الحصول على شهادة عدم ممانعة بحكم الأمر الواقع، ولا تزال العناصر الإشكالية لنظام الكفالة موجودة، بما فيها قدرة أصحاب العمل المسيئين على منع العمال الأجانب من تغيير وظائفهم، والتحكم بصفتهم القانونية.
ومن بين الممارسات المسيئة في قطر: عدم دفع الرواتب والمنافع، بحيث يصبح من الصعب على العمال ترك وظائفهم. كما أن العمال الأجانب ما زالوا يعتمدون على أصحاب عملهم لدخول قطر والإقامة فيها، الأمر الذي أدى إلى استخدام تهمة الهروب، وإلغاء تصاريح الإقامة التي يستخدمها أصحاب العمل المسيئين للتحكم بالقوة العاملة لديهم.
وفي التحليل الذي أجرته منظمة العفو الدولية، وجدتْ أيضًا أن تأخير وعدم دفع الأجور وغيرها من المنافع التعاقدية لا تزال تمثل أكثر أشكال استغلال العمال الأجانب في قطر شيوعاً. ومع ذلك، فإن إمكانية وصولهم إلى العدالة لا تزال نادرة، ولا يزال العمال ممنوعين من تنظيم أنفسهم لخوض النضال الجماعي من أجل إحقاق حقوقهم.
ففي أغسطس 2021، وثَّقت منظمة العفو الدولية تقاعس السلطات القطرية عن التحقيق في وفاة آلاف العمال الأجانب على الرغم من توفر أدلة على وجود صلات بين الوفيات المبكرة وظروف العمل غير الآمنة، وعلى الرغم من توفير بعض أشكال الحماية الجديدة للعمال، فإن المخاطر ظلت ماثلة –على سبيل المثال، لا تشمل الأنظمة الجديدة فترات استراحة إلزامية تتناسب مع المناخ أو نوع العمل الذي يقوم به العمال- ولم تفعل السلطات شيئاً يُذكر للتحقيق في أسباب حالات الوفاة غير الواضحة.
كما دعت منظمة العفو الدولية الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي ينظم بطولة كأس العالم، إلى النهوض بمسؤولياته المتعلقة بتحديد ومنع وتخفيف ومعالجة مخاطر حقوق الإنسان المرتبطة بالبطولة، وهذا يشمل المخاطر التي تتهدد العمال في قطاعات من قبيل خدمات الضيافة والمواصلات، التي يتسع نطاقها بشكل هائل لتسهيل إنجاح المباريات.
وطالبت الاتحادَ الدوليَّ لكرة القدم أن يستخدم صوته في المجالَيْنِ العامّ والخاصّ لدعوة الحكومة القطرية إلى الإيفاء ببرنامج إصلاحات العمل قبل انطلاق المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم.