ذات صلة

جمع

ملامح غزة الجديدة.. هل ينجح “عرّاب الاتفاق” في ترويض تعنت نتنياهو؟

تتجه أنظار العالم، وبالأخص سكان قطاع غزة، نحو "مار...

وصمة عار في سجل البرهان.. كيف حوّل صراع الجيش على السلطة الخرطوم إلى مقبرة كبرى؟

في مشهدٍ يدمي القلوب ويعيد صياغة مأساة القرن الحادي والعشرين، استيقظت العاصمة السودانية الخرطوم في أواخر عام 2025 على جرحٍ لم يندمل بعد: جرح “المقابر العشوائية” التي انتشرت في أفنية المنازل، ممرات المدارس، وأرصفة الشوارع.

وقالت مصادر: إن هذه المقابر لم تكن مجرد مدافن للموتى، بل كانت “شهادة إدانة” حية ووصمة عار تلاحق قيادة الجيش السوداني، وعلى رأسها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حيث ترى المصادر أن تشبثه بالسلطة وصراعه الممتد قد حوّل “درة النيل” إلى مقبرة كبرى.

الخرطوم.. من مدينة التعايش إلى “مدفن اضطراري”

فمنذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، وصولاً إلى ذروة التوترات في ديسمبر 2025، عاش سكان الخرطوم جحيمًا لا يطاق، ومع اشتداد القصف الجوي والمدفعي، عجزت الأسر السودانية عن الوصول إلى المقابر الرسمية مثل مقابر حلة حمد أو البكري أو الصحافة، نظرًا لتحول هذه المناطق إلى ساحات قتال مفتوحة أو مناطق عسكرية مغلقة.

واضطر المواطنون، تحت وطأة الرصاص وتحلل الجثامين أمام أعينهم، إلى حفر “قبور الضرورة” داخل حدائق منازلهم أو في الميادين العامة.

وأوضحت المصادر، أن إعادة دفن هذه الرفات اليوم تكشف عن حجم الكارثة؛ حيث استُخرجت مئات الجثث من تحت أنقاض البيوت التي قصفتها طائرات الجيش، ومن مناطق كانت تُصنف “آمنة” قبل أن تطالها نيران الصراع على الكرسي.

فشل الاستراتيجية العسكرية والمسؤولية الأخلاقية

وقالت المصادر: إن قيادة الجيش السوداني تتحمل المسؤولية الكبرى في هذا المشهد لعدة أسباب جوهرية منها غياب الممرات الإنسانية حيث ركزت قيادة الجيش على التموقع العسكري داخل الأحياء السكنية والمنشآت الحيوية، دون توفير ممرات آمنة للمدنيين لإجلاء قتلاهم أو دفنهم بكرامة، مما حول الأحياء السكنية إلى سجون محاطة بالموت.

كماتشير تقارير حقوقية دولية إلى أن العديد من الجثامين التي يتم استخراجها الآن تعود لمدنيين قضوا في ضربات جوية استهدفت مناطق مأهولة، تحت ذريعة استهداف قوات الدعم السريع، مما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا الذين لم يجدوا حتى كفنًا أو قبرًا لائقًا، وفي الوقت الذي كانت فيه القيادة العامة تتحدث عن “السيادة”، كانت جثث السودانيين تنهشها الكلاب في شوارع أم درمان والخرطوم بحري، في مشهد سقطت فيه كل الشعارات الأخلاقية للمؤسسة العسكرية.

إعادة دفن الرفات.. نبشٌ في جراح “الفشل السيادي”

وتمثل عملية إعادة دفن الرفات في ديسمبر 2025 “محاكمة شعبية” صامتة لنظام البرهان، فكل جثمان يُستخرج من “فناء مدرسة” أو “ساحة مسجد” يروي قصة فشل المؤسسة التي كان يُفترض بها حماية الشعب.

ويقول خبراء قانونيين: إن هذه المقابر العشوائية تمثل أدلة مادية على “جرائم حرب” وإهمال جسيم يرتقي لدرجة الجرائم ضد الإنسانية، وإن اضطرار الأب لدفن ابنه في حديقة المنزل لأن الجيش لم يستطع تأمين طريق المقبرة هو انكسار لن ينساه التاريخ السوداني، وسيظل يطارد سجل البرهان العسكري والسياسي.