على مدار الأيام الماضية شهدت السودان أحداثا عديدة متلاحقة، بالتزامن مع الاشتباكات والانفجارات التي لا تتوقف تضارباً في الأنباء، حيث تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الإعلان بشأن السيطرة على المواقع وتحقيق انتصارات.
فيما نشرت وسائل الإعلام المحلية والدولية عددا كبيرا من التصريحات لمسؤولي الطرفين بشكل يظهر جاهزيتهما لشنّ حرب إعلامية؛ ما يفسر حالة التضارب وعدم فهم واقع الاشتباكات في السودان.
وفيما يخص الخسائر البشرية، فقد أعلنت نقابة أطباء السودان ارتفاع عدد القتلى إلى 56 قتيلاً مدنياً والعشرات من العسكريين، ووصل عدد المصابين إلى نحو 600، من بينها إصابات لعسكريين، منهم عشرات حالاتهم حرجة.
وقالت في بيان نقلته شبكة “فرانس برس”: “استيقظ السودانيون والسودانيات صباح 15 أبريل 2023 على فاجعة اشتباكات بين قوات الشعب المسلحة وقوات الدعم السريع، أدت إلى وقوع عدد كبير من القتلى والإصابات المتوسطة والحرجة”.
وأضافت: “إنّنا نهيب بتغليب صوت العقل والوقف الفوري لإطلاق النار العبثي الذي راح ضحيته أبرياء مدنيون عزّل، ولا بدّ من فتح ممرات آمنة لإجلاء المحتجزين والعالقين والمصابين لإسعافهم”.
وقد سُمع صوت أذان الفجر صباح اليوم بالعاصمة السودانية الخرطوم، ودوت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة، استمراراً للاشتباكات التي استمرت طيلة ليل أمس.
شنّ الجيش السوداني ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع شبه العسكرية بالقرب من العاصمة في محاولة لإعادة تأكيد السيطرة على البلاد، اليوم الأحد، وذلك بعد أن أسفرت اشتباكات عن مقتل العشرات من العسكريين و56 مدنياً على الأقل.
وقال شهود في ساعة متأخرة من مساء السبت: إن الجيش قصف في نهاية يوم من القتال العنيف معسكراً تابعاً لقوات الدعم السريع شبه العسكرية التابعة للحكومة في مدينة أم درمان القريبة من العاصمة الخرطوم.
ويتنافس الجيش مع قوات الدعم السريع، التي يقدر محللون قوامها بنحو 100 ألف جندي، على السلطة، بينما تتفاوض الفصائل السياسية على تشكيل حكومة انتقالية منذ انقلاب عسكري في 2021.
وفي الساعات الأولى من صباح الأحد، سمع شهود أصوات مدفعية ثقيلة في الخرطوم وأم درمان وبحري القريبة، وكان هناك أيضاً إطلاق نار في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، التي لم ترد تقارير سابقة عن اندلاع قتال فيها.
كما أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في بيان أنّ “ساعة النصر اقتربت”، مبشرة الشعب السوداني بـ”أخبار سارة قريباً”، ونشرت قوات الدعم السريع مقطعاً مصوراً قالت إنّه لضرب مقر القوات البرية للجيش السوداني، وفق ما نقلت وكالة “رويترز”، وأعلن الجيش السوداني عن سيطرته على مقار الدعم السريع في بورتسودان وكسلا والقضارف والدمازين وكوستي وكادوقلي وكرري.
وأعلن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني السيطرة على أكبر قاعدة لقوات الدعم السريع في منطقة كرري والاستيلاء على كل العتاد فيها، وفق ما أوردت شبكة الجزيرة.
وكشفت قوات الدعم السريع في السودان أنّ مقراتها في بورتسودان تتعرض لغارات شنتها مقاتلات أجنبية، وقالت قوات الدعم السريع في بيان على صفحتها الرسمية على فيسبوك: “تتعرض قوات الدعم السريع في بورتسودان إلى هجوم من طيران أجنبي، نحذّر من التدخل الأجنبي، ونهيب الرأي العام الإقليمي والدولي إلى وقف هذا العدوان والمسلك”.
وفي الإطار ذاته، وصفت صحف بريطانية محاولة قوات الدعم السريع السيطرة على القصر الرئاسي و3 مطارات على الأقل بأنّها محاولة انقلاب.
ولفتت إلى أنّ قادة الطرفين المتنازعين يتقاسمان السلطة في السودان في غير ارتياح منذ 2021، لكنّ التوترات احتدت مؤخراً إزاء مفاوضات على تسليم السلطة للمدنيين.
ونقلت “صنداي تايمز” عن مدير تحرير صحيفة السوداني ياسر عبد الله القول: إنّ البلاد تنزلق إلى “حرب أهلية شاملة على نحو خطير للغاية”.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ مُطلق شرارة العنف الأولى لا يزال غير معروف على وجه التحديد. ويقول الجيش: إنّ قواعده العسكرية قد هوجمت من قِبل قوات الدعم السريع التي تتهم بدورها الجيش بأنّه مَن استهدف مقرات تابعة لها، متحدثة عن انقلاب بالنيابة عن الرئيس المخلوع عمر البشير.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ التوترات برزت حول مقترح بدمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش الوطني، لكنّ كلا الطرفين لم يتفقا على إطار زمني أو على مَن يقود الكيانين حال دمجهما معاً.
ودعت القوات الجوية السودانية في وقت متأخر من أمس السبت المواطنين إلى البقاء في منازلهم، لأنها ستقوم بعملية مسح كامل لأماكن وجود قوات الدعم السريع، وأعلنت ولاية الخرطوم اليوم الأحد عطلة تغلق فيها المدارس والبنوك والمكاتب الحكومية.
وأمكن سماع دوي إطلاق نار وانفجارات في عدة مناطق بالخرطوم، حيث أظهرت لقطات تلفزيونية تصاعد الدخان من عدة مناطق، وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي طائرات عسكرية تحلق على ارتفاع قليل فوق المدينة، وبدا أن واحدة منها على الأقل تطلق قذيفة.
ورأى صحافي من “رويترز” مدافع وعربات مدرعة منتشرة في الشوارع، وسمع دوي أسلحة ثقيلة قرب مقرات الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في تصريحات تلفزيونية، إنهم إذا استمعوا لصوت العقل فسوف يعيدون قواتهم التي جاءت إلى الخرطوم، لكن إذا استمر الأمر “سنضطر” إلى نشر قوات داخل الخرطوم “من مناطق مختلفة”.
وقالت القوات المسلحة على صفحتها على “فيسبوك”: “لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة”، وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة؛ ما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر.