بين الكثير من الإرهابيين الهاربين، تعمدت جماعة الإخوان استغلالهم لبث سمومها وفسادها بالمنطقة العربية عبر نشر الفتاوى المتطرفة التي تدعو للعنف والخروج على الدولة والتحريض على قتال الجيش والشرطة بمصر، ومنهم الإرهابي الهارب محمد الصغير المعروف بفتاويه التحريضية.
ويعد الصغير أحد أئمة الشر الذي سبق أن أفتى بجواز التنازل عن الجنسية المصرية وأيضا جواز تطليق الزوجة من زوجها إذا كان مؤيدًا للحكومة المصرية، إذ إنه بالجماعة الإسلامية “المسلحة” في مصر والتي نشأت في العام 1974 والتي رشحته ممثلًا عنها في برلمان عام 2012، وسبق أن صدر قرار من الرئيس المعزول محمد مرسي بتعيينه في الغرفة الثانية للبرلمان، بعد قرار حل مجلس الشعب، ضمن كوته حصلت عليها الجماعة الإسلامية آنذاك.
وتم الزج به داخل البرلمان من قبل الإخوان حتى تولى وكالة اللجنة الدينية، فرغم عضويته بالجماعة الإسلامية المسلحة إلا أنه كان مناصرًا للإخوان، فطموحه كان أكبر من مجرد أن يكون عضوًا بالبرلمان، حتى تم تعيينه بالفعل مستشارًا لوزير الأوقاف بتوجيه من تنظيم الإخوان، ثم أصبح بعد ذلك مديرًا عامًا للمساجد الحكومية للأوقاف بطلب من الجماعة الإسلامية التي كانت تُريد أن تُسيطر علي دور العبادة.
وتقرب كثيرًا لرئيس اتحاد علماء المسلمين السابق وأحد القيادات الروحية للإخوان، يوسف القرضاوي، في أعقاب الانتفاضة الشعبية ضد حكم الإخوان في العام 2013، فكان سببًا في تعيينه بمجلس أمناء الاتحاد، والذي اتخذه فيما بعد منبرًا لنشر أفكاره الفوضوية باسم الدين، ولعله يمثل حلقة الوصل بين الجماعة الإسلامية “المتطرفة” وجماعة الإخوان “الإرهابية”، حيث بات صوت الجماعة المسلحة داخل الإخوان من خلال “الاتحاد”.
وسعى الصغير للتحريض ضد المجتمع المصري والمخالفين لأفكاره وضد أجهزة الأمن ومؤسساته على منصة اعتصام رابعة العدوية، وبعد سفره للدوحة استمر في تحريضه، حيث بات ضيفًا دائمًا على شاشات الفضائيات المعادية لمصر والتي تبث من الخارج، فاستخدمته الإخوان في حربها ضد النظام السياسي في مصر بسبب سلاطة لسانه ودعوته المعلنة والمبطنة باغتيال المعارضين.
كما أنه أحد أهم القيادات الشرعية بتنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة، فقد تربى كما يحب أن يُعرف نفسه على أفكار عمر عبد الرحمن، زعيم الجماعة الإسلامية المسلحة في مصر وعلى أفكار عبد الرشيد صقر، أحد أهم قيادات الإخوان، كما أنه تربى على أفكار الداعية التي تختلط أفكاره السلفية بانتمائه للإخوان صلاح أبو إسماعيل.
وقامت الجماعة الإسلامية من خلال حزبها السياسي بترشيحه في انتخابات مجلس الشعب مع مجموعة من المحسوبين على الجناح العسكري للجماعة، ثم تم تعيينه لاحقا بمجلس الشورى بعد قرار حل مجلس الشعب بقرار من المحكمة الدستورية العليا، وأصدر قرار تعيينه الرئيس المعزول محمد مرسي.
كما أنه يرتبط بعلاقات مع حركة طالبان في أفغانستان وتحديدًا بجماعة حقاني، فقد كان عرّاب هذه اللقاءات في الدوحة لسنوات، فقام بدعم نجله “عبد الرحيم” والذي يقيم حاليًا في إسطنبول ومسؤول عن سفر الشباب للقتال في سوريا تحت لافتة جبهة النصرة وداعش.
وسجل جمعية باسم رابطة الشباب المصري بإسطنبول “سند” والتي تمثل همزة الوصل مع المجموعات التكفيرية المقاتلة في سوريا، وحتى يستطيع أن ينفي عن نفسه تهمة توجيه الدعم لهذه المجموعات بادعاء أن هذه الجمعية تعمل في تقديم المساعدات الإنسانية في الشمال السوري.
والتقي عددا كبيرا من رموز هيئة تحرير الشام أثناء زياراته المتكررة لسوريا، ولعله كان يقوم بتنسيق الدور الذي لعبه نجله مع رئيس الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، رفاعي طه، والذي قتل في إحدى الغارات الأمريكية في سوريا.
وقبل عامين وصلت رسالة شديدة اللهجة من السلطات التركية لـ”الصغير” تحذره من تحركات نجله المريبة في سوريا ودعمه للتنظيمات المتطرفة مثل جبهة النصر وداعش، إلا أنه تجاهلها بزيارة لابنه وقام بمصالحته وشراء شقة له وحضور عقد زواجه في إسطنبول بعد خلاف عائلي بينهما استمر بضعة شهور.
من خلال دروسه ومحاضراته وظهوره الإعلامي، أعلن “الصغير” إيمانه بأفكار تنظيم قاعدة الجهاد، كما كان يترحم على قيادات التنظيم التي قتلت في أفغانستان، وقام أيضا بالهجوم في وقت سابق على الإخوان في مصر لأنهم لم يدعموا بصورة رسمية الجهاد ضد السلطة في مصر على غرار الجماعة الإسلامية المسلحة التي خاضت حربا مفتوحة مع الدولة في تسعينيات القرن الماضي.
لم يتوقف سفره إلى سوريا بدعوى العمل التطوعي والحقيقة أنه يقدم الدعم اللوجستي والشرعي المساند للمجموعات التكفيرية هناك بدءا من جبهة النصرة وانتهاء بداعش، إيمانًا منه بضرورة أن يكون مجاهدًا وألا يدخر جهدًا في دعم المقاتلين في أي مكان.