بعد أن فشلت كافة محاولاتهم في إشعال الأزمات والفتن والسيطرة على البلاد وإسقاط قيس سعيّد الرئيس التونسي، والمساعي الزائفة للحوار من أجل العودة إلى البرلمان، اتجه إخوان تونس إلى طريق سلاح الشائعات والترويج لها لإثارة الخلافات بين أفراد الشعب.
وكان آخر شائعة أطلقها إخوان تونس، تتعلق بشغور منصب الرئاسة في تونس، وأنّ الرئيس سعيّد على فراش الموت، وخططوا علناً لمن سيخلفه، التي حرصت صفحات حركة النهضة وأذرعها وقياداتها على نشرها، وذهب بعضهم إلى حدّ دعوة الجيش إلى تسلم السلطة، حتى كادت تصبح حقيقة يعيشها التونسيون، لو لم يستأنف الرئيس مساء الاثنين نشاطه بعد غياب نحو 10 أيام، منحت المعارضة فرصة لاستثمار هذا الغياب سياسياً، بينما أثير جدل حول الشغور في منصب الرئاسة، وما تعلق به أيضاً من تأويلات قانونية ودستورية.
ويأتي ذلك بعد أن تأكد الإخوان من استحالة عودتهم إلى السلطة، والشعب فعلياً لفظهم، ولم يعد لهم أمل في العودة إلى مقاليد الحكم، سارعوا إلى نشر سلاح الشائعات، الذي يجيدون المناورة به، أملاً في إيجاد حالة “ثورية” تمكنهم من العودة إلى الحكم، للفرار من مقصلة القضاء التي تنتظرهم، عقاباً على ما اقترفته أيديهم، خلال “العشرية السوداء”.
وما يثبت علاقة تلك الشائعة بالإخوان، هو أن وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام، صهر زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، والهارب خارج تونس من الملاحقة القضائية، زعم أنّ الرئيس سعيّد يرقد حالياً في المستشفى العسكري بسبب أزمة قلبية، زاعماً أنّ قصر قرطاج يخلو إلا من الأمن الرئاسي.
وسارعت جبهة الخلاص الموالية للإخوان صباح الاثنين إلى تنظيم مؤتمر صحفي لتزيد في ترويج الشائعات عن صحة قيس سعيّد، داعية الحكومة إلى الكشف عن أسباب عدم ظهور الرئيس، وزعم أحمد نجيب الشابي، المتحدث باسم جبهة الخلاص، أنّ “الجبهة بلغها أنّ سعيّد تعرّض لوعكة صحية منذ اليوم الأول لغيابه في 23 مارس”، مضيفاً أنّ الغموض زاد حول هذا الغياب، وأنّ “هناك فراغاً دستورياً مخيفاً، ولن ننتظر حتى تحلّ أيّ من القوى هذه المشكلة، ولا بد من إطلاق مشاورات وطنية لحلّ المشكلة وإيجاد آلية للانتقال السلس للسلطة”.
وجاء رد الرئيس التونسي قيس سعيد على تلك الشائعة عبر لقائه، مساء أمس الاثنين، برئيسة الحكومة نجلاء بودن، واعتبر خلال اللقاء أنّ هناك جهات تسعى لخلق الأزمات، مشدّداً على أنّه لا مجال للحديث عن شغور في البلاد، وقال: “يتحدّثون عن ضرورة اعتلاء الجيش الحكم… هناك دولة وقانون، ولا بدّ أن تقضي المحاكم في الدعوة إلى الانقلاب على السلطة”.
وأوضح الرئيس سعيّد: “كنت أنوي الخروج إلى الشارع فرحاً بالغيث النافع في تونس…”. وعبّر قيس سعيّد في هذا السياق عن أمله في الخروج من الأزمة المائية، ووضع سياسة مائية في المستقبل حتّى لا نجد أنفسنا في مثل هذه الأزمة، وفق تعبيره.
وبدا الرئيس التونسي من خلال مقطع الفيديو الذي نشرته الرئاسة في صفحتها على فيسبوك في صحة جيدة؛ ما يدحض الشائعات التي روجت عن تدهور حالته الصحية، حتى أنّ هناك من النشطاء من قال إنّه في العناية المركزة على خلفية إصابته بجلطة دماغية.
وأكّد قيس سعيّد على أنّه لا علم له بالتحاليل والأرقام المتداولة، والتي تدّعي تعرّضه لوعكة صحية، قائلاً: “لقد وصل بهم الأمر إلى نشر شهادة وفاة”، وأوضح أنّه لا مجال للحديث عن حالة شغور في البلاد، معتبراً أنّ الأطراف التي تروّج لهذه المعلومات تسعى لاختلاق الأزمات في البلاد.
وأضاف: “يحاولون اختلاق الأزمات، المهم بالنسبة إليهم الأزمة وراء الأزمة، هم يُريدون حدوث حالة شغور في البلاد، حقاً بلغوا درجات من الجنون لم نشهدها من قبل”.