تصاعدت بشكل ملحوظ الانقسامات والخلافات السياسية والكلامية بين جبهات الإخوان بعد تعيين جبهة لندن لصلاح عبد الحق قائمًا بأعمال المرشد العام، وفي خضم ذلك كثفت اللجان الإلكترونية التابعة لكل مجموعة حملاتها ضد الأخرى خلال الأيام الماضية، والتي يتضح أنّها ستكون علنية وتدار بوساطة اللجان الإخوانية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودشّنت عدة صفحات وحسابات تابعة لجبهة إسطنبول خلال الأيام الماضية حملات استهدفت بالمقام الأول توريط صلاح عبد الحق في عدد من الملفات العالقة داخل التنظيم منذ أعوام، ومطالبته بحلها، باعتباره القائم بأعمال المرشد العام، وهي حيلة تعجيزية؛ لأنّ تلك الملفات تبدو عصيّة عن الحل، منها على سبيل المثال، مطالبته بإنهاء أزمة الإخوان المحبوسين على ذمة قضايا إرهاب في مصر، وهو أمر أقرب إلى المستحيل لارتباطه بشق قانوني، أيضاً طالبت الحملة القائم الجديد بأعمال المرشد بتقديم دعم إضافي للإخوان داخل مصر، ومعالجة مشكلات الإخوان بالخارج، وغيرهم.
وتزايدت حالة الغضب داخل التنظيم كون صلاح عبد الحق قد جاء دون انتخابات؛ الأمر الذي يرفضه قطاع كبير من قواعد الإخوان، خصوصاً الشباب، أيضاً لا يتفق الجميع حول تولي عبد الحق المنصب داخل الإخوان في هذا التوقيت، نظراً لكونه لا يحظى بعلاقات أو كفاءات تمكنه من احتواء أزمات التنظيم المتفاقمة.
وتظهر حالة الخلاف التنظيمي الشديد حول صلاح عبد الحق، والتي كانت سبباً في تأخر الإعلان عنه رسمياً حوالي 4 أشهر، تنعكس على موجة الغضب الكبير داخل صفوف الإخوان خلال الفترة الماضية، وصلت إلى حدّ إعلان بعض القيادات من داخل التنظيم ضرورة التخلي عن مبدأ السمع والطاعة الذي طالما كان السمة الحاكمة لعلاقة قواعد الجماعة بقاداتهم.
وظهر ذلك التوجه عكسه في مقال مطول نشره القيادي الإخواني أشرف عبد الغفار عبر صفحته على “فيسبوك”، منتقداً العمل بمبدأ السمع والطاعة الخالص، مطالباً بإشراك قواعد التنظيم وقادته في كافة القرارات وعدم استخدام ما وصفه بـ”الإرهاب” داخل التنظيم لتنفيذ منهج السمع والطاعة.
وقال عبد الغفار: “كتب أخ حبيب: “ما زال الكثيرون يكتبون عن السمع والطاعة وضرورة الالتزام بها في أعمال الجماعات والهيئات والشركات، ومن وجهة نظري الأمر يصلح أنّك تنفذ تعليمات الإدارة في الشركات أو المؤسسات بعدما يستكمل القرار كل أسبابه، ويتم بحثه من كل الجوانب وتتم دراسته من المتخصصين، ويتم التشاور أو الشورى عليه من أصحاب الرؤى والعقول المنيرة، من أهل الحل والعقد، ومن إدارة أتت بالطرق السليمة وما زالت لها صلاحية اتخاذ القرار، ولكن أن تستخدم هذه الألفاظ، السمع والطاعة، كأداة للإرهاب أو كدليل عدم صلاحية، أو وسيلة لجرّ الناس إلى مستقبل مجهول، فلا وألف لا”.
وأكد مراقبون أن تلك الخلافات بين الجبهتين قديمة، تجددت بعد الإعلان عن صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد قبل أسبوعين، وتتم إدارتها بشكل كبير من خلال اللجان الإلكترونية التابعة لكل جبهة، وأن الأزمة داخل الجماعة دخلت فصلاً جديداً بعد الإعلان من جانب جبهة لندن عن اختيار صلاح عبد الحق، ظهر جلياً في كتابات عدد من نشطاء التنظيم عبر مواقع التواصل المختلفة بالهجوم على القرار أو تأييده، لكنّه يعكس على أيّ حال تعمق دائرة الانهيار التنظيمي داخل الإخوان، وتجذر الخلافات حول منصب القائم بأعمال المرشد وكذلك غالبية المناصب التنفيذية داخل الإخوان.
ويرون أن الخلاف بين جبهتي الإخوان قد بدأ مرحلة جديدة تتسم بالعلانية والحدة الشديدة خلال الفترة المقبلة، هذه الخلافات ستعمق بلا شك أزمة الانهيار التنظيمي الراهنة، ومن المتوقع أن تستمر الأزمة لفترة طويلة على مدار الأشهر المقبلة دون حل، وربما ستشهد تصعيداً متبادلاً من الطرفين، في ضوء التطورات الراهنة داخل التنظيم.