في ظل الأزمات العديدة التي يشهدها تنظيم الإخوان الدولي، ومع الانقسامات المتأججة بها، سعت الجماعة لإعادة إحيائها بطريقة خبيثة، وهي عبر قيادات شابة جديدة تقيم في الغرب، وتحمل جنسيات أجنبية بالإضافة لجنسيتهم المصرية، تعتمد خطتهم على توجهات عصرية حديثة وبأفكار تحررية تتفق مع تقاليد الغرب، وفي الوقت نفسه تحت ستار حقوقي يركز على حقوق الإنسان وقضايا الحريات والمعارضة السلمية للأنظمة، وصولا للسلطة حتى تحقق الجماعة أهدافها.
وبدأ الإخوان في تنفيذ تلك الخطة وذلك من خلال أبناء القيادات المقيمة في أوروبا بهدف إنشاء مراكز حقوقية ومؤسسات تختص بقضايا الحريات لاستقطاب وتجنيد الشباب المصري، منهم محمد سلطان نجل القيادي الإخواني صلاح سلطان والذي يعمل ضمن المنظمة الحقوقية المعروفة باسم المنبر المصري لحقوق اﻹنسان وهي منظمة إخوانية أسّست في أوروبا، وتعمل ما بين أوروبا وأميركا.
ومن ثم بات من الواضح طبيعة الدور الذي يقوم به محمد سلطان، إلى جانب مجموعة من عناصر التنظيم الذين يقيمون في الخارج منذ أعوام، تربطهم صلات مباشرة بدوائر صناعة القرار والدعاية داخل أميركا وأوروبا، إذ إنه من بين العديد من الوجوه الإخوانية التي تنشط في الخارج، في مجالات تتعلق بالمقام الأول بالتركيز على قضايا حقوق الإنسان داخل مصر، لأغراض تتعلق بمحاولة الضغط على السلطات وتأليب الرأي العام، بتوظيف مؤسسات تتبع التنظيم لتلك الأغراض، يبرز اسم محمد سلطان الذي غادر القاهرة إلى أميركا بعد تنازله عن الجنسية المصرية عام 2015، كأحد أهم تلك الوجوه، إن لم يكن المحرك الرئيسي لها.
ويهتم محمد سلطان، وهو نجل القيادي الإخواني المحبوس في مصر صلاح سلطان، بشكل رئيسي بالعمل مع منظمات حقوق الإنسان في الخارج، لصياغة تقارير تتعلق بالوضع الحقوقي في مصر، ومن ناحية أخرى يتحرك بشكل سريع إلى جانب حلفاء التنظيم في الداخل الأميركي لتحسين صورة الجماعة الإرهابية في الخارج، والحفاظ على الدعم الذي تحصل عليه من بعض السياسيين داخل أميركا وبشكل خاص قيادات الحزب الجمهوري.
وكشف مصدر مطلع طبيعة الأجندة التي يعمل عليها محمد سلطان، وهي تعتمد على صياغة أكبر قدر من المعلومات والتقارير المغلوطة عن الأوضاع داخل مصر، لخلق حالة من البلبلة لدى الشارع المصري، لكنّ الهدف الأهم هو محاولة الضغط المستمر من جانب الإدارة الأميركية وبعض المؤسسات الحقوقية في الخارج على السلطات المصرية لتحقيق مصالح تتعلق بأجندة التنظيم.
وتُعَدّ منظمتَا “كير، وماس” الحقوقيتان بأميركا هما الأكبر والأخطر، من حيث النشاط ونوعية التقارير والمعلومات المغلوطة التي تنشر عن مصر أو تصل إلى دوائر صناعة القرار، ويشارك بصياغتها مجموعة من عناصر التنظيم المقيمين داخل الولايات المتحدة، في مقدمتهم محمد سلطان الذي يصفه المصدر بأنّه “ناشط حقوقي بدرجة إرهابي”.
وأضاف المصدر أن تحركات سلطان ترتبط بعقد الندوات والمؤتمرات بهدف الحشد ضد الدولة المصرية، آخرها كان منتصف العام الماضي برعاية مؤسسة “كير” وحضور مؤسسات حقوقية من أوروبا وأخرى من دول الشرق الأوسط ناقشت انتهاكات حقوقية، على حد زعمهم، ونشرت تقارير مغالطة عن الأوضاع داخل مصر، إذ إنّ محمد سلطان ومجموعته يعملون ضمن شبكات يمولها التنظيم الدولي للإخوان، لها أذرع داخل مصر تساعد في عملية فبركة الصور والفيديوهات بين الحين والآخر، لكنّ تلك الأذرع فشلت مؤخراً في تنفيذ مهمتها؛ بسبب الملاحقات الأمنية المستمرة لعناصر التنظيم في الداخل المصري، لذلك تلجأ بعض مجموعات الخارج لفبركة وتداول صور قديمة أو معلومات زائفة حول الوضع الاقتصادي أو الأحوال الحقوقية في السجون على سبيل المثال.
وتهتم دوائر الدبلوماسية المصرية دائماً بتفنيد تلك الادعاءات لدى الخارج، كما تحرص الجهات المعنية داخل مصر على توضيح الحقائق وتفنيد الأكاذيب الخاصة بأنشطة التنظيم الإرهابي، حتى لا يسمح له بالعودة أو الانتشار متسللاً من باب الشائعات.
وأكد مراقبون أن هناك أهدافاً أخرى تعمل مجموعة محمد سلطان على تنفيذها إضافة إلى ادعاءات الملف الحقوقي، تتعلق بإحياء النشاط التنظيمي داخل المجتمع الأميركي وتبييض سمعة الإخوان التي باتت موصومة بالإرهاب والتطرف، وذلك واحد ضِمن جملة من المحاور التي خططت لها جماعة الإخوان منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أنّ غالبية القيادات التي يتم توظيفها للعمل على هذه الأجندة متواجدة بالفعل في الغرب، وتربطها صلات قوية مع سياسيين داخل تلك المجتمعات، أو رواد صناعة القرار ومسؤولي الدعاية.
وأضافوا أن الهدف الأكبر الذي تحاول تلك المجموعات الإخوانية الوصول إليه من خلال خطة عمل محكمة، هو تدشين لوبي إخواني قوي يضم نشطاء عن حقوق الإنسان وسياسيين، وكتّاباً وإعلاميين وغيرهم، للعمل على خدمة مصالح التنظيم والدفاع عنها في الخارج، وأيضاً التمكن من مهاجمة الدول التي تصنف الإخوان على قوائم الإرهاب وتلاحقهم أمنياً في الشرق الأوسط.