منذ ٩ فبراير الجاري، يعيش أهالي جنوب تركيا أوقات مريرة بسبب الزلزال القوي الذي ضرب البلاد، ما أثر على الاقتصاد ودفع المؤسسات المالية العالمية لتوقع خفض معدلات النمو في 2023.
واليوم الخميس، نشر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تقريراً تضمن أن التداعيات الاقتصادية المحتملة للزلزال القوي الذي ضرب تركيا قد تسفر عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1% هذا العام.
وأضاف البنك: أن هذا “تقدير منطقي” بسبب الدفعة المتوقعة من جهود إعادة الإعمار في وقت لاحق من العام والذي سيعوض التأثير السلبي على البنية التحتية وسلاسل الإمداد.
ومن ناحيتها، ذكرت بياتا يفورتشيك كبيرة الخبراء الاقتصاديين بالبنك لرويترز: “أثر الزلزال إلى حد كبير على مناطق زراعية ومناطق تضم صناعات تحويلية خفيفة، لذلك فإن تداعياته على القطاعات الأخرى محدودة”.
وتم تعديل توقعات النمو في تركيا، أكبر متلقٍّ للتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بالانخفاض إلى ثلاثة بالمئة من 3.5 بالمئة في 2023 بدون حساب تأثير الزلزال في هذه التقديرات، وسجلت الليرة التركية انخفاضا قياسيا جديدا أمس الأربعاء.
فيما قدر اتحاد الشركات والأعمال في تركيا، حجم خسائر الزلزال بنحو 84 مليار دولار، متوقعا ارتفاع عجز الموازنة من 3.5% إلى 5.4% على الأقل، وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، قد توقعت أن تتجاوز الخسائر الاقتصادية جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا “ملياري دولار” و”قد تبلغ 4 مليارات دولار أو أكثر”.
ومن المتوقع أن تلحق الزلازل أضرارا بالإنتاج في المناطق المنكوبة التي تمثل 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، وأظهرت بيانات بورصة الطاقة في إسطنبول تراجع استخدام الكهرباء في تركيا بنسبة 11% يوم الاثنين مقارنة بالأسبوع السابق بما يعكس حجم تأثر الاستهلاك، ومن شأن هذه الأضرار أن تؤثر على النمو الاقتصادي هذا العام.
ونصيب المنطقة الجنوبية الشرقية التي ضربها الزلزال من صادرات البلاد 8.5% و6.7% من وارداتها. لكن خبراء اقتصاديين يقولون إن من غير المرجح أن تؤثر الزلازل على الميزان التجاري لتركيا حيث من المتوقع أن تنخفض الصادرات والواردات، على حد سواء.
تبرعات لصالح الزلزال
بينما قال مصدر مطلع بالبنك المركزي التركي: إن تبرعات البنك البالغة 30 مليار ليرة (1.6 مليار دولار) للمناطق المتضررة من الزلزال ستُدفع من أرباح البنك العام الماضي.
ويحول البنك المركزي أرباحه عن العام السابق إلى الخزانة العامة في شهر أبريل من كل عام، ولم يعلن البنك بعد عن أرباحه السنوية، لكن اقتصاديين حسبوا من بيانات أولية أن البنك حقق أرباحا العام الماضي تتراوح بين 40 و50 مليار ليرة.
وتعرضت تركيا وسوريا المجاورة لزلزال مدمر في السادس من فبراير الحالي أودى بحياة أكثر من 41 ألفا وترك الملايين في حاجة لمساعدات إنسانية، إذ ظل الكثير من الناجين مشردين في درجات حرارة تقترب من الصفر.
وجراء الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا، تشير البوادر الأولية إلى أن الخسائر المادية تقدر بالمليارات، إذ أفاد اتحاد الشركات والأعمال في تركيا بأن حجم الأضرار يقدر بأكثر من 84 مليار دولار، أو ما يناهز 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وقال اتحاد الشركات والأعمال في تركيا: إن الخسائر في القوة العاملة قد تكلّف اقتصاد البلاد 2.9 مليار دولار، إذ طال الزلزال الفتاك والذي أعقبه واحد ثانٍ يوم الاثنين الماضي، 10 مقاطعات، وأثّرا بشدة على 13.5 مليون شخص في جنوب شرقي الدولة، فضلا عن سوريا المجاورة، بحسب ما نقلت بلومبيرغ.
كما رجح أن تكون الهزتان الأرضيتان البالغة قوتهما 7.7 و7.6 درجة على مقياس ريختر، قد تسببتا في دمار مبانٍ سكنية بحوالي 70.8 مليار دولار، إلى جانب 10.4 مليار دولار أخرى في صورة خسارة في الدخل القومي، وتوقع الاتحاد ارتفاع عجز الموازنة إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 مقابل التقديرات الرسمية البالغة 3.5%.
وأظهرت الحسابات الأولية لـ”بلومبيرغ إيكونوميكس”، بشكل منفصل أنَّ التكاليف المرتبطة بالكارثة، بما فيها جهود إعادة البناء، قد تقترب من 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وستخفض النمو الاقتصادي بنقطتين مئويتين هذا العام، إذ إن الحكومة ستضطر للقيام بجهود إعادة إعمار ضخمة قبل انتخابات حاسمة.
ومن المرجح أن تخيم الأسابيع المقبلة التي ستشهد انتشال الجثث وإزالة الأنقاض على فترة الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 14 مايو والتي تشكل بالفعل أصعب تحدٍّ للرئيس رجب طيب أردوغان في عقدين قضاهما في السلطة.