نجاحات وإنجازات عديدة حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مختلف المجالات، خاصة على المستوى العالمي الدبلوماسي، إذ مثلت الاتفاقية الإبراهيمية نقلة ضخمة في المنطقة العربية، وأكدت صواب الرؤية الإماراتية في تحقيق السلام بعد عقود من الرفض والمقاطعة.
وهو ما تكلل بإعلان السودان وإسرائيل التوقيع قريبا على الاتفاق، لتكون الخرطوم هي أحدث الموقعين عليه منذ أن أطلقته الإمارات قبل أكثر من عامين، بما يحقق تنمية وازدهار للدول المنضمة لقطار السلام، ويصب بالنهاية في صالح دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم.
ومن المنتظر توقيع اتفاق سلام جديد في إطار سلسلة الاتفاقات الإبراهيمية التي انطلقت بتوقيع اتفاق سلام بين دولة الإمارات وإسرائيل منتصف سبتمبر 2020، إذ أتاحت من خلاله الإمارات الفرصة أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث شجع انضمام البحرين والمغرب تباعا لقطار السلام في العام نفسه، وبدء حقبة جديدة بين تلك الدول وإسرائيل تقوم على التعاون.
ويؤكد ويثبت انضمام دولة جديدة لقطار السلام نجاح دبلوماسية الإمارات الواقعية والجريئة، والهادفة إلى توسيع آفاق السلام بالمنطقة، بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال والتعايش بين الشعوب وتغليب لغة الحوار، كما ترمي إلى توظيف كل ذلك لدعم القضية الفلسطينية من جانب، وتعزيز خطط التنمية والتعاون بين دول المنطقة من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وأعلنت إسرائيل أن وزير خارجيتها إيلي كوهين أجرى، الخميس، زيارة “تاريخية” إلى الخرطوم، تم خلالها وضع اللمسات الأخيرة على نص اتفاق سلام بين البلدين، من المقرر توقيعه بواشنطن “في غضون أشهر قليلة”.
وجاء ذلك في إطار زيارة وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين إلى الخرطوم، وصفتها تل أبيب بأنها “تاريخية”، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وأكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيانها، أن الزيارة تهدف إلى “توقيع اتفاق سلام مع السودان في وقت لاحق من هذا العام”، مضيفة أنه “خلال الزيارة التي تمت بموافقة الولايات المتحدة، جرى وضع الطرفين اللمسات الأخيرة على نص الاتفاقية”.
وأوضحت أنه وفقًا للخطة، ستقام مراسم التوقيع على اتفاق السلام في غضون أشهر قليلة بواشنطن، بعد تشكيل حكومة مدنية سيتم تشكيلها كجزء من عملية الانتقال الجارية في البلاد”، مشيرة إلى أنه “خلال المناقشات تحدث وزير الخارجية عن رغبة إسرائيل في المساعدة بجهود التنمية في السودان بمجموعة متنوعة من المجالات المدنية بما في ذلك الأمن الغذائي وإدارة الموارد المائية والزراعة وغيرها”.
وقدم وزير الخارجية الإسرائيلي لمضيفيه برنامج مساعدات للسودان، سيركز على المشاريع وبناء القدرات في مجالات المساعدات الإنسانية وتنقية المياه والطب العام.
من ناحيتها، قالت وكالة الأنباء السودانية: إن لقاء البرهان بوزير الخارجية الإسرائيلي بحث سبل إرساء علاقات مثمرة مع تل أبيب وتعزيز آفاق التعاون المشترك في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم لا سيما في المجالات الأمنية والعسكرية.
وأوضحت الوكالة أن الجانب السوداني حث نظيره الإسرائيلي على تحقيق الاستقرار بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، لافتة إلى أن اللقاء تناول أيضا الدور الذي يلعبه السودان في معالجة القضايا الأمنية الإقليمية.
ويثبت ذلك اللقاء. دعم القضية الفلسطينية على نفس مسار السلام الإماراتي الذي يعتبر دعم القضية الفلسطينية بندا ثابتا ضمن أولوياته، إذ إنه خلال لقاء البرهان وإيلي كوهين، حث الجانب السوداني تل أبيب على تحقيق الاستقرار بين إسرائيل والشعب الفلسطيني.
ومنذ توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أكثر من عامين، تؤكد الإمارات مرارا وتكرارا أن تلك المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار والتفاوض في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ولطالما أكدت الإمارات أن الاتفاق الإبراهيمي للسلام لا يتعارض مع الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين، وأقامت دولة الإمارات علاقات مع إسرائيل، إيمانا منها بأن الخطوة تعطي فرصة لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي بقيت راكدة لعقود، ولطالما شددت الإمارات على أن التواصل والحوار والطرق الدبلوماسية وليست المواجهة العسكرية هي الطريق للمضي قدما إلى الأمام وحل الأزمات السياسية.
كما أنه خلال زيارة وزير خارجية إسرائيل للسودان، تصدرت المباحثات حول جهود التنمية وتعزيز التعاون في مجالات شتى أجندة اللقاء، حيث تحدث كوهين عن رغبة بلاده في المساعدة بجهود التنمية بالسودان في مجموعة متنوعة من المجالات المدنية، بما في ذلك الأمن الغذائي وإدارة الموارد المائية والزراعة وغيرها.
وتأمل الإمارات بتعزيز مكاسب الاتفاق الإبراهيمي للسلام وإضافة مكاسب جديدة تصب في صالح دعم الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة مع حلول الذكرى الثالثة لتوقيعه في 15 سبتمبر 2023، بعد أن نجحت بذلك بالفعل خلال العلاقات الثنائية مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يؤكده مسار العلاقات المتنامي بين البلدين، حيث وقعت دائرة الصحة في أبوظبي، الأربعاء، اتفاقية مع معهد خان ساجول مكابي للأبحاث والابتكار التابع لمكابي لخدمات الرعاية الصحية مؤسسة الرعاية الصحية في إسرائيل.
ومنذ حوالي شهرين، أجرى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ زيارة إلى دولة الإمارات للمشاركة في النسخة الأولى من حوار أبوظبي للفضاء الأول من نوعه عالمياً، والذي عقد برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إذ بحثا علاقات التعاون بين دولة الإمارات وإسرائيل ومساراته نحو تعزيز التنمية والسلام والازدهار لما فيه الخير لشعوب المنطقة عامة.
كما تبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وبعد نحو أسبوع من تلك الزيارة، وتحديدا في 11 ديسمبر الماضي، صادقت الإمارات وإسرائيل على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان في 31 مايو الماضي، في خطوة تؤكد نجاح السلام ببناء الشراكات وتعزيز التنمية، وتستهدف الاتفاقية توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية وتحفيز التجارة البينية غير النفطية بين البلدين وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.