علامات استفهام عديدة تحيط بالفشل الذي أصاب منظومة الإعلام الإخواني؛ إذ سيصاحبه تداعيات قوية خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد أن اضطرت الجماعة تقليص ميزانيتها الممنوحة للمنصات الإعلامية، ودمج عدة فضائيات، والتراجع عن إطلاق مجموعات جديدة من المنصات التابعة للتنظيم.
وأعلن التنظيم الإخواني مؤخراً دمج قناتي “وطن” التي تبث من تركيا و”الشعوب” التي تبث من لندن في قناة واحدة، يفترض أنّها ستبث من العاصمة البريطانية في وقت قريب.
وهو ما اعتبره مراقبون أنّه اعتراف صريح بفشل تلك المنصات في القيام بالدور التخريبي الذي كان منوطاً بها خلال الأعوام الماضية، فضلاً عن أنه يكشف أن الجماعة تواجه أزمة حقيقية فيما يتعلق بإدارة منظومتها الإعلامية في الوقت الراهن.
وقالت مصادر ذات صلة: إن جبهة إسطنبول قد قررت تقليل الميزانيات الممنوحة للإعلام وتقليص النفقات الخاصة بالفضائيات التابعة للتنظيم، وتسريح بعض العاملين في تلك المنصات، وبررت ذلك بـ”إعادة الهيكلة”، لكنّ السبب الحقيقي يتعلق بفشل كافة تلك المنصات في تحقيق أيّ أهداف لها خلال الفترة الماضية، خاصة فيما يتعلق بالملف المصري.
ووظفت الجماعة على مدار الأعوام الماضية الإعلام كأحد أهم الأذرع التخريبية ضد مصر والمنطقة العربية، رداً على السقوط المدوي للتنظيم عن الحكم في أعقاب ثورة 30 يونيو الماضي، ووفرت ميزانيات مليارية لهذا المشروع.
وأضافت المصادر: أنّ التنظيم أدرك مؤخراً فشل أدواته الإعلامية، فضلاً عن أنّه قرر تحويل سياسته تجاه المنطقة إلى ما يُسمّى بالكُمون، أملاً في إقناع السلطات في الدول العربية بإبرام مصالحة مع التنظيم تمكنهم من العودة إلى المشهد السياسي، على ألّا تتوقف تلك المنصات نهائياً عن هجومها، ولكن يتم تخفيف الهجوم وتركيز الملفات في عدد من القضايا، الهدف منها التركيز على المشكلات والأزمات بغرض تشويه صورة الأنظمة العربية وتأليب الشعوب.
وأكدت أنّ الجماعة باتت تدرك تماماً مدى الفشل الذي حققته منظومتها الإعلامية على مدار الأعوام الماضية، وأنّها غير قادرة على إدارة معركتها ضد الشعوب العربية؛ بسبب فقدانها للمصداقية وحالة الصحوة التي تعيشها المجتمعات بعد انكشاف مشروع الإخوان الحقيقي.
وأشارت المصادر إلى أنه لم يكن توظيف الإخوان للإعلام أمراً عشوائياً، ولكنّه جرى وفق آليات ومخطط مسبق، نجحت الشعوب العربية في الانتباه له، ورغم النفقات الضخمة التي خصصتها الجماعة لهذا المشروع، إلّا أنّه فشل، وأصبح أزمة جديدة تُضاف إلى جملة الأزمات التي يمر بها التنظيم في الوقت الراهن.
كما يرون أنّ تحركات التنظيم بخصوص منصاته الإعلامية تعكس حالة الارتباك التنظيمي التي تمر بها الجماعة في الوقت الراهن، كما تعكس أيضاً نية قيادات التنظيم في تحويل بعض السياسات من أجل تحقيق أيّ مكاسب خلال الفترة المقبلة.
ومن المتوقع تخلي التنظيم عن المنظومة الإعلامية بشكل نهائي، لكن ما سيتم هو تحويل بعض السياسات الخاصة بها وتقليل النفقات وفقاً للخطط الجديدة، لكن سيظل التنظيم يعتمد على الإعلام كأحد أهم أدوات صناعة الفوضى التي يتغذى عليها مشروع الإخوان.
وجاء إدراك الجماعة لفشل منظومتها الإعلامية متأخراً، فبالرغم من أنّ كافة الشواهد خلال الأعوام الماضية كانت تعكس انحدار المنظومة كغيرها داخل التنظيم المنهار، إلّا أنّ قيادات التنظيم لم ينتبهوا لأزمة الإعلام إلّا في مارس الماضي، تزامناً مع القرارات التي أصدرتها الحكومة التركية بوقف أنشطة التنظيم الإعلامية داخل أراضيها في إطار مساعي التقارب مع القاهرة.
كما أنه من الواضح أن التنظيم قد واجه أزمة حقيقية في توفير ملاذات جديدة آمنة لإطلاق منصاته الإعلامية خارج الأراضي التركية، وظل طوال عام كامل مرتبكاً فيما يتعلق بإمكانية نقل المنظومة الإعلامية كاملة إلى لندن، مشيرة إلى أنّ التكلفة من لندن كانت كبيرة، إضافة إلى أنّ مراجعة الأداء لم تكن تستحق الاستمرار في تقديم هذه الميزانيات الضخمة لتمويل قنوات فاقدة للشعبية والمصداقية.
كما يواجه أزمة أخرى إلى جانب أزمة الملاذات الآمنة تتعلق بالكفاءات؛ لأنّ التنظيم اعتمد بشكل كبير على مجموعة من عناصره لإدارة تلك المنصات، معظمهم من دعاة الإخوان، يحملون خطاباً عدائياً واحداً موجّهاً على مدار أعوام صوب مصر، ومع مرور الوقت تكشّف زيف وتدليس تلك المنصات، وفقدت ثقة الناس بها نهائياً؛ لذلك أصبحت هي والعدم سواء.
وأيضا ترجع أسباب فشل إعلام الإخوان رغم التمويلات الضخمة إلى الاعتماد على أهل الثقة دون الكفاءة من عناصر التنظيم، والكذب من أجل إثارة الفوضى وتشويه الأنظمة، والتركيز على الأزمات في إطار الخصومة السياسية، والتحريض على العنف، والفبركة والاعتماد على المواد المزيفة، وأخيراً اكتشاف مشروع التنظيم في مجمله، كلها كانت أسباباً كفيلة بانهيار مشروع التنظيم الإعلامي نهائياً.