تغييرات وأحداث شهدتها إيران خلال الفترة الماضية، بين احتجاجات شعبية واسعة وأزمات سياسية وإعدامات مشينة نفذتها الحكومة وإقرار أضخم ميزانية للدولة لإرضاء خامنئي، ظهرت انقسامات وخلافات ضخمة بالدولة، ما يؤثر على قوة وثبات النظام الحالي.
وأكدت صحيفة “كوريا تايمز” وجود الاختلافات والانقسامات بين قادة النظام في إيران، في ظل غياب استراتيجية واحدة ومتماسكة للتعامل مع انتفاضة الشعب الإيراني.
وبحسب المحللين، أصبح النظام الإيراني، نتيجة أشهر من الاحتجاجات غير المسبوقة، منقسمًا وقد علق بين خياري “القمع القاسي” وما يعتبره النظام نفسه “إجراءات تصالحية”، مشيرا إلى أن التجربة والخطأ أظهرت أن التسرع في تنفيذ أحكام الإعدام بحق بعض الموقوفين من جهة، ووقف تنفيذ بعض أحكام الإعدام الأخرى يشير إلى ارتباك النظام.
ووفقا لما يراه مهرزاد بروجردي، أحد مؤلفي كتاب “إيران بعد الثورة”، فإن نظام الجمهورية الإسلامية يلعب لعبة سياسية، موضحا أن النظام الحاكم في إيران يعرف أن “عمليات الإعدام تجلب المزيد من الناس إلى الشوارع وتستفزهم (الناس) أكثر، ولكن من ناحية أخرى يريد (النظام الإيراني) إرسال رسالة مفادها أنه لا يتردد في إعدام المحتجين لترهيب المواطنين”.
ويعتبر بعض المحللين إطلاق سراح شخصيات بارزة في الانتفاضة الشعبية، مثل مجيد توكلي، وحسين رونقي، جزءًا من استعراض النظام في محاولة لتهدئة الوضع.
وبشكل عام، فإن النظام الحاكم في إيران في طور التجربة والخطأ، وبحسب ما يعتقده بروجردي، فقد لجأ النظام من جهة إلى صمام الأمان، ومن جهة أخرى، فهو يصدر عقوبات السجن المطول والإعدام.
ولفت إلى أن هذه الإجراءات تظهر أن نظام الجمهورية الإسلامية “واجه مشاكل في تقديم سياسة مفصلة ومنفصلة (للتعامل مع المحتجين)”، بينما الصراع من أجل البقاء باعتقال وسجن شخصيات مشهورة (معظمهم تم سجنهم لفترة زمنية أقصر بكثير من السجناء غير المشهورين) هو علامة أخرى على أن النظام غير قادر على إيجاد طريقة لاحتواء الاحتجاجات.
كما أن بعض المعتقلين، مثل آرش صادقي، وإلهه محمدي، ونيلوفر حميدي، يقبعون في السجن منذ شهور.
ويعتبر المحللون استراتيجية “السجن والإفراج” هذه بأنها- بالإضافة إلى ترهيب المواطنين- تهدف إلى معرفة نوع رد الفعل الذي يحصل عليه النظام من المحتجين.
ويرى أفشين شاهي، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة “كيلي” ببريطانيا، أن “إظهار الليونة، من وقت لآخر، من قبل سلطات النظام الإيراني” يأتي كإجراء لمنع المزيد من الانقسام للمؤسسات الأمنية، مشيرًا إلى أن حمام الدم الذي أطلقه النظام الإيراني دفع بعض أفراد النظام إلى الفرار منه، ويعتقد شاهي، مثله مثل بروجردي، أن النظام غير مجهز باستراتيجية واضحة في مواجهة الغضب الشعبي.
بينما قال بعض المحللين إن هناك محادثات داخل النظام للتصالح مع المحتجين، لكن على أي حال، لا يستطيع النظام أن يمنح الشعب ما يريده؛ لأن الشعب الإيراني يريد إسقاط النظام.
يذكر أنه خلال الأيام الماضية، وفي خطوة مثيرة للجدل والغضب الشعبي، سلمت حكومة إبراهيم رئيسي مشروع قانون ميزانية العام الإيراني المقبل (يبدأ في 21 مارس المقبل)، إلى البرلمان، والتي تعد الأكثر ارتفاعا في معدل الضرائب المستهدفة منذ ثورة عام 1979، كما تحتوي على إيرادات نفطية متفائلة.
وبحسب نص مشروع قانون الموازنة، فقد زادت ميزانية الحرس الثوري الإيراني بنسبة 28% ووصلت إلى قرابة 120 ألف مليار تومان. وزادت ميزانية منظمة الإذاعة والتلفزيون بنسبة 42% لتصل إلى 7531 مليار تومان.
كما زادت ميزانية الجيش بنسبة 36% لتصل إلى 49 ألف مليار تومان، وشهدت ميزانية قوات شرطة النظام نمواً بنسبة 44% وبلغت 62 ألف مليار تومان، وزادت ميزانية وزارة المخابرات بنسبة 52% لتصل إلى 20 ألف مليار تومان، كما زادت ميزانية مؤسسة السجون بنسبة 55.5% مقارنة بهذا العام لتصل إلى 9.273 مليار تومان.