ذات صلة

جمع

خيانة تحت ستار القضية.. فضائح إخوانية في تركيا تخدم إسرائيل

في السن الأخيرة، تفاقمت فضائح جماعة الإخوان الإرهابية في...

الحكومة الإسرائيلية تقرر مقاطعة صحيفة عبرية لهذه الأسباب

وافقت الحكومة الإسرائيلية، السبت، بالإجماع على مقاطعة صحيفة "هآرتس"...

التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.. مواجهة تنذر بتوسع دائرة الصراع

شهدت الآونة الأخيرة تصعيدًا لافتًا في المواجهات بين حزب...

بعد الكشف عن مفاوضات غزة السرية.. تسريبات: حماس تنازلت عن شرطها الأساسي

عادت مفاوضات غزة مجددًا إلى الواجهة، بعد الكشف عن...

مناورات بين جبهات الإخوان.. هل هي مناورات جديدة لإرباك المشهد بين أعضاء التنظيم؟

حالة واسعة ومتأججة من الارتباك والانقسام تشهدها جماعة الإخوان الإرهابية، إذ تتناحر قيادتها لأجل السلطة والنفوذ، في معركة تكسير عظام مستمرة منذ عدة أشهر، بصورة علنية عبر تبادل البيانات حادة اللهجة التي تحاول فيها جبهتا إسطنبول ولندن قطع الطريق على بعضهما البعض فيه.

وفي آخر حلقات الخلافات، صدر بيان مشحون بعبارات الاستعطاف أصدره محمود حسين، الأمين العام السابق لجماعة الإخوان وزعيم ما يعرف بجبهة إسطنبول، حاول من خلاله استمالة أتباع “جبهة لندن” للانضمام إليه بزعم إنهاء الخلافات التي أدت لانقسام الجماعة.
واعتبر خبراء أن البيان يشكل مناورة من حسين لإرباك المشهد وتحديدا جبهة لندن، خصوصا مع اقتراب تسمية القائم بأعمال المرشد الجديد للإخوان، ما يعبد الطريق نحو فسح المجال لضرب خصمه الجديد.

وأصدرت “جبهة إسطنبول” بيانًا غلب عليه روح التمسكن، استشهد فيه بآيات من القرآن الكريم من بنيها “وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” (البقرة 281)، وكأنه يقول لغرمائه في جبهة لندن “اتقوا الله” أي أنهم على معصية، ثم استخدم آية قرآنية في آخر البيان وهي “وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” ( الروم4-6).

وكأنه يعدهم بنصر الله لو أنهم عادوا إليه وإن رفضوا فهم السبب في الهزيمة، وما بين الآيتين قرابة 500 كلمة لا تخرج عن فكرتين مركزيتين الأولى أنه هو صاحب المنصب، ولن يعترف بالبديل الجديد، والثانية أنه يقبل بعودتهم إلى صفه مرة ثانية منعا للانشقاق، متدثرًا بقضايا الإخوان في مصر ومزايدًا على الجميع بالمحبوسين وأسرهم، وطالبهم بحفظ الود الذي كان بينه وبينهم، متهمًا إياهم بأنهم “ظالمون له”، ثم استخدم بيت شعر لطرفة بن العبد: “ظلم ذوي القربى أشد مضاضة.. على المرء من وقع الحسام المهند”.

ووفقا للبيان يعود محمود حسين ويكرر اتهاماته السابقة لجبهة لندن، ويحذر من محاولة فرض أشخاص بعينهم لتولي المنصب المتنازع عليه، وهي الخطوة التي يخشاها “حسين” كثيرًا، والتي تأخر أتباع منير في اتخاذها بشكل لافت للنظر.

وفيما يخص دوافع محمود حسين لإصدار بيان في هذا التوقيت وما هي دلالاته، يرى خبراء الإسلام السياسي، أن الصراع داخل تنظيم الإخوان بين تيارات فكرية مختلفة، وبين أجيال متفاوتة يعد السمة الدائمة للجماعة، ولكنه كان طي الكتمان في العقود الأربعة الماضية، فضلا عن أن “صراع الإخوان الداخلي أمر متوقع، فعملية التجنيد لم تتم وفق معايير واحدة تجعل الجماعة متجانسة بل كانت تتم لضم أعداد كبيرة يمكن أن تكون ظهيرًا شعبيا لقيادة الجماعة، ومع المدى البعيد، اكتشف كل فرد أنه انضم للإخوان بطريق مختلف ولهدف مختلف، فإما أن يخرج ويغادر الجماعة، وإما أن يظل ويكافح ليفرض رؤيته على الجميع، ومن هنا تنشأ الصراعات الداخلية”.

كما يدل إصدار البيان في ساعة متأخرة ربما لأن الجبهة المنافسة له قد انتهت تقريبًا من تسمية القائم بأعمال المرشد الجديد، فهناك العديد من الإشارات أن مجموعة منير كانت تنتظر لنهاية المونديال لتبايع صلاح عبد الحق أو غيره “مرشدًا بالإنابة، فأراد إرباك خصومه”.

وفيما يخص قدرات محمود حسين على فرض سيطرته على الجماعة، أكدوا أن: “لا أحد يمكنه فرض سيطرته على الجماعة كاملة فالانشقاق متجذر في التنظيم هذه المرة، ولن يسيطر فريق على الآخر، بل هناك فريق سيزيح الآخر، ويستولي على مقدرات الجماعة، بينما لا يخضع اعتراف المخابرات البريطانية لقواعد القوة والسيطرة، أي ليس بالضرورة أن يكون الفريق الذي سيحظى برعايتها هو الأكثر عددًا، بل المهم أن يكون الأكثر طاعة وقدرة على تنفيذ المطلوب، وكلا الفريقين يحاول أن يكون هو المشمول بالرعاية والحماية.

ويرى مراقبون أن البيان معبر عن نسخة متجددة من الصراع على قيادة الجماعة، بين جناحيها الرئيسيين في لندن وإسطنبول، إذ إن الصراع على قيادة الإخوان لم يتوقف حتى بعد موت إبراهيم منير نائب المرشد والقائم بالأعمال السابق، ليستمر التنافس بين حسين وغريمه الجديد “صلاح عبد الحق” البديل المحتمل لمنير.

وأشاروا إلى أن البيان حاول توظيف الحالة المصرية كعامل ترجيح لكفة جبهة إسطنبول، وهذه الإشارة مهمة كونها تبرز مناورة محمود حسين الذي يزايد بشكل غير مباشر على جبهة لندن موقفها المرن حيث سبق اتهامها بالتخاذل وخيانة القضية بعرضها التصالح مع النظام المصري، إذ إنه “لا يغازل بيان محمود حسين قواعد داخل مصر فحسب، بل يغازل غالبية عناصر الجماعة المتضررين من التقارب المصري التركي وينظرون إلى أنفسهم كضحية لهذا المسار”.

ويرون أن توقيت البيان مرتبط بالأنباء التي راجت حول تصعيد القيادي القطبي “صلاح عبد الحق” بديلًا عن إبراهيم منير، فضلًا عن تزامن البيان مع بدء التحركات على الجانب الآخر لتدشين هيكل منافس والشروع في ترتيب وتنظيم صفوف جبهة لندن تمهيدًا لخوض مرحلة جديدة من الصراع لنزع الشرعية عن حسين ومجموعته.

ورجحوا أن “استمرار جولات الصراع على القيادة بوجوه وأسماء جديدة، واللجوء لتوظيف المشهد المصري للمزايدة واكتساب شرعية القيادة اعتمادًا على السيولة التي يعانيها تنظيم الإخوان في مصر وعدم قدرة القيادات المسجونة والقواعد الكامنة وخلايا الجماعة النائمة على إبداء رأي واضح ومعلن لذلك يستغل محمود حسين عجز الإخوان في مصر عن إظهار الانحياز لإحدى الجبهتين أو التكلم في أي شأن تنظيمي لكسب ورقة إخوان مصر لصالحه”.

وكانت أعلنت جبهة لندن محيي الدين الزايط قائما بتسيير الأعمال بشكل مؤقت لمدة لم تحدد، وكان من المنتظر أن تنتهي قبل أسابيع، إلا أن ثمة تقارير تفيد بأن الجبهة قررت تعيين القيادي السابق صلاح عبد الحق خلفًا لمنير الذي وافته المنية مؤخرا في لندن، وما زالت الجماعة تعاني الانشقاق والتشظي ومغادرة أعداد كبيرة صفوفها.

spot_img