فضيحة فساد كبرى ومدوية تهز العراق، الذي يحاول حثيثا استعادة طاقته وإمكانياته بعد سيطرة الإرهاب عليه لأعوام، لكنه لم يتمكن من التخلص من اللغم الأكبر وهو إيران الذي تورط في ذلك الفساد عبر شبكة من الشركات والمسؤولين المدعومين من طهران باختلاس حوالي 2.5 مليار دولار من مصلحة الضرائب في البلاد، رغم الضمانات التي أعلنت عنها الحكومة العراقية الجديدة التي تشكلت أواخر الشهر الماضي بعد أزمة سياسية طويلة، ما يعد اختبارًا صعبا لها.
وكشفت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية أن حجم الاختلاس بلغ حوالي 2.8% من ميزانية الدولة لعام 2021، مشيرة إلى أن منظمة الشفافية الدولية، صنفت العراق في المرتبة 157 من أصل 180 دولة على مؤشرها لعام 2021 للحكم النظيف.
وأفاد المدققون في تقريرهم، الذي حصلت عليه الوكالة الأميركية لأول مرة، أن الاختلاس كان عملية مدبرة من قِبَل شبكة واسعة من المسؤولين وموظفي الخدمة المدنية ورجال الأعمال، وفي نظام المحسوبية الراسخ في العراق، غالبًا ما يكون لهؤلاء الأفراد صلات بفصائل سياسية قوية، وأكد ثلاثة مسؤولين تفاصيل الخطة لوكالة أسوشيتد برس، حيث تم الكشف عن المخطط الشهر الماضي عندما زعم تدقيق داخلي أجرته وزارة المالية أن الهيئة العامة للضرائب – دائرة الإيرادات الداخلية العراقية – دفعت بشكل احتيالي حوالي 3.7 تريليون دينار عراقي، أو حوالي 2.5 مليار دولار، لخمس شركات، وتم سداد المدفوعات من خلال 247 شيكًا تم صرفها بين 9 سبتمبر 2021 و11 أغسطس من هذا العام، من فرع في بنك الرافدين الذي تديره الدولة والموجود داخل لجنة الضرائب.
وقالت الوكالة: إن الحساب كان به مليارات الدولارات من الودائع التي قدمتها الشركات التي كان من المفترض أن تعاد إليها بمجرد خصم الضرائب وتقديم الشركات بيانات مالية محدثة، ويُزعم أن الشركات الخمس قامت بسحب مبالغ مستردة عن طريق الاحتيال دون إيداع أي شيء.
وقال جمال الأسدي، الخبير القانوني العراقي والقاضي المتقاعد المطلع على قضايا الفساد: “كانت عملية سرقة منظمة للغاية ومتفقاً عليها”.
وفيما يخص تفاصيل عملية السرقة، فإنه تم الكشف عن المخطط الشهر الماضي عندما كشف تدقيق داخلي أجرته وزارة المالية العراقية أن الهيئة العامة للضرائب- دائرة الإيرادات الداخلية العراقية – دفعت بشكل احتيالي حوالي 3.7 تريليون دينار عراقي، أو ما يعادل نحو 2.5 مليار دولار، لخمس شركات.
وتعد تلك المدفوعات سددت بواسطة 247 شيكا تم صرفها خلال الفترة من 9 سبتمبر 2021 و11 أغسطس من العام الجاري، من فرع في مصرف الرافدين الذي تديره الدولة والموجود داخل الهيئة العامة للضرائب.
وضم الحساب مليارات الدولارات من ودائع الشركات التي كان من المفترض إعادتها إليها بمجرد خصم الضرائب، وكانت الشركات قد قدمت بيانات مالية محدثة، ويزعم أن الشركات سحبت أموالا دون القيام بأي إيداعات.
فيما أجرى القائم بأعمال وزير المالية آنذاك، إحسان عبد الجبار الذي شغل أيضا منصب وزير النفط، التدقيق. واكتشف السرقة بعد تلقي شكاوى من شركة نفط لم تتمكن من استعادة ودائعها الضريبية، وفقا لمسؤول بارز مطلع على التحقيق.
وعندما استفسر الوزير عن الرصيد المتبقي في الحساب، قالت هيئة الضرائب إن به 2.5 مليار دولار، لكن مزيدا من التدقيق كشف أن الرصيد الفعلي تراجع إلى 100 مليون دولار فقط، وفقا للمسؤول، وكان ذلك أول مؤشر على السرقة الهائلة، وقدم تدقيق لاحق للجنة المالية في مجلس النواب، حصلت الأسوشيتد برس على نسخة منه هذا الأسبوع.
وقبل التدقيق، كان قسم مكافحة غسيل الأموال في بنك الرافدين قد أعرب عن قلقه لوزارة المالية من المعدل الكبير للسحوبات النقدية. وكان الوزير السابق قبل عبد الجبار، علي علاوي، قد طلب أن يوافق مكتبه على أي سحوبات كبيرة، لكن كبار مديري هيئة الضرائب تجاهلوا الطلب، حسبما ذكر المسؤول.
واستقال الوزير الأسبق علاوي في أغسطس احتجاجا على الفساد والتدخل الأجنبي في الشؤون العراقية، وقبل أسابيع من صرف الشيكات الأولى، أزالت السلطات جزءا رئيسيا من الرقابة، بدعوى أن الشركات اشتكت من فترات الانتظار الطويلة، وجاء قرار عزل ديوان الرقابة المالية الاتحادي من العملية بناء على طلب النائب هيثم الجبوري، الذي كان يرأس حينها اللجنة المالية البرلمانية.
ووجد التدقيق أن الشركات، التي تم تأسيس ثلاث منها قبل أسابيع فقط من سداد المدفوعات، قدمت مستندات مزورة لتتمكن من المطالبة بالدفعات. لم يتمكن المدققون من متابعة الأموال لأنه تم سحبها نقدا.
وتظهر نتائج التدقيق أن شبكة واسعة من مسؤولي الضرائب ورجال الأعمال يجب أن يكونوا ضالعين في المؤامرة، وتتطلب عملية المطالبة أوراقا مطولة وموافقة ثلاث إدارات على الأقل داخل هيئة الضرائب، بالإضافة إلى مدير ونائب مدير الإدارة المالية، لكن الأموال تلاشت على أية حال، وليس من الواضح من سيتحمل المسؤولية في نهاية المطاف.
وتم إلقاء القبض على نور زهير جاسم، وهو رجل أعمال له صلات بمسؤولين نافذين، نهاية أكتوبر في مطار بغداد. وكانت قد تمت تسميته رئيسا تنفيذيا لاثنتين من الشركات، وحصل على أكثر من مليار دولار من الحساب، وفق التدقيق. ولم يرد محاميه على طلب للتعليق.
كما اعتقل اثنان من مسؤولي هيئة الضرائب، ويقول القضاء إن ممتلكات وأصولا بملايين الدولارات صودرت، لكن المسؤولين يقولون إنه من غير المرجح أن تنفذ خطة اختلاس بهذا الحجم دون علم كبار المسؤولين.
ولطالما تنافست الفصائل السياسية في العراق على السيطرة على الوزارات والهيئات الحكومية، والتي تستخدمها بعد ذلك لتوفير وظائف ومزايا أخرى لمؤيديها، ويرتبط عدد من الفصائل بهيئات حكومية مختلفة متورطة في مخطط الضرائب.
فيما لم تجتمع الحكومة الحالية إلا في أواخر أكتوبر، بعد أكثر من عام من الانتخابات المبكرة، وتحولت المشاحنات بين الفصائل القوية إلى قتال شوارع مميت في وقت سابق من هذا العام، وقد تؤدي أي محاولة لمحاسبة القادة السياسيين على هذا الاحتيال إلى مزيد من الاضطرابات.