تحديات عديدة تواجه العراق حاليا، على رأسها الملف الأمني الذي به عدة صعوبات ويشكل الملف الأساسي للحكومات المتعاقبة في بغداد منذ 2003، التي وزعت الوزارات الأمنية فيها على قاعدة المحاصصة بين القوى المشاركة في النظام السياسي.
وفي تقرير لصحيفة “إندبندنت عربية”، أشارت إلى تطور أمني شهدت العاصمة العراقية، الإثنين السابع من نوفمبر، مقتل شخص أميركي الجنسية خلال هجوم مسلح، وقال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء، إن “الأمن خط أحمر ومن يريد اختبار الحكومة في ملف الأمن لا يحاول لأنه خيار فاشل”.
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية أنها تتابع مع الجهات الأمنية “التحقيقات للكشف عن ملابسات الحادثة وتقديم الجناة إلى القضاء ليأخذوا جزاءهم العادل”.
وأعلن مصدر أمني “تشكيل فريق عمل من ضباط كبار في وكالة الاستخبارات لمعرفة ملابسات حادثة قتل أميركي وسط بغداد”.
وفي هذه الأثناء، أكد مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي أن أمن المواطن والدولة مسؤولية تكاملية بين الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها. وأعلن مكتبه الإعلامي أن الأعرجي التقى رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري، “في سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين مستشارية الأمن القومي وجهاز الأمن الوطني، بما يعزز استقرار الوضع الأمني ومكافحة الجريمة المنظمة”.
وكان رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء سعد معن قد كشف عن تفكيك سبع عصابات للجريمة المنظمة منذ بداية العام 2022، وقال معن في تصريح صحافي إن “معدل الجرائم في العراق ضمن المستويات الطبيعية”.
ووسط هذا يتخوف الباحث السياسي علي البيدر من وصول قاعدة المحاصصة إلى دوائر صناعة القرار الأمني، إذ يغدو اختيار المسؤولين وفق الولاء والحصص وليس بناء على الكفاءة، مما يعرض الأمن للأخطاء.
ويعتقد البيدر أن ذلك “يتطلب اتخاذ خطوات جريئة من جانب القائد العام للقوات المسلحة لتصحيح مسار القوات الأمنية وضبط سلوكها بما ينسجم مع مسارات الدولة”، ويقول إن “الأنظار تتجه إلى تعامل القائد العام للقوات المسلحة مع الملف الأمني”، داعياً إلى أن يكون ذلك “بعيداً من المجاملة والمحاباة، خصوصاً مع أطراف لديها ارتباطات مع جماعات مسلحة تحاول الانغماس في المشهد الأمني وتجييره لمصلحتها”.
ويرى أن “الخطر الأكبر يتمثل في الجماعات المسلحة التي تحاول الحفاظ على مكاسبها السياسية عبر الإبقاء على الحالة المتأرجحة بين شبه الفوضى وشبه الاستقرار”، ويعتقد البيدر أن “تصفير أزمات الملف الأمني يتطلب جهوداً دولية، مثلما حصل في مرحلة تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش في عام 2014”.
ورداً على المخاوف الأمنية في ظل حكومة المحاصصة، يقول الكاتب نبيل جبار التميمي “من الممكن تصنيف الأمن في العراق إلى مستويات عدة، الأول هو الأمن المرتبط بالنشاط الإرهابي الذي انخفض كثيراً بعد هزيمة التنظيم الإرهابي في 2017 وعاود النشاط في السنتين الماضيتين، إلا أنه لا مؤشرات أمنية تحذر من تزايد النشاط الإرهابي إلى حد التهديدات الكبيرة خلال الفترة المقبلة، وإن كان من غير المستبعد أن تنجح التنظيمات الإرهابية في تنفيذ عمليات نوعية صادمة”.
أما المستوى الثاني بحسب التميمي فهو “الأمن المرتبط بالنشاط السياسي، فبعد تنحي التيار الصدري عن تشكيل الحكومة يبقى احتمال عودته إلى الاعتراض على الحكومة ومعارضتها وارداً جداً، وقد لا يكون خيار الاحتجاجات السلمية خياره هذه المرة لأسباب تتعلق بوصول الخصومة بين التيار وبين الأطراف السياسية الأخرى إلى حد إسالة الدماء واستخدام النيران، وبذلك من الصعب توقع استمرار الهدوء واستتباب الأمن في ظل حكومة السوداني خلال الفترة المقبلة”.
ويعتزم مجلس النواب العراقي تشريع قانون الخدمة العسكرية الإلزامية في محاولة يرى بعضهم أنها خطوة نحو عسكرة المجتمع، في حين يجد المتخصص في الشأن الأمني سرمد البياتي أن “إيجابيات قانون خدمة العلم أكثر من سلبياته”.
ومن الإيجابيات، وفق البياتي، “بناء جيل جديد من الشباب أكثر التزاماً في جميع المجالات، لأن التدريب في الجيش يمنح الشاب التعليم والتحمل والصبر والقوة والالتزام والانضباط، ويوفر القانون فرص عمل للشباب لأن التجنيد سيكون مقابل راتب”.
أما السلبيات فتتعلق، وفق البياتي، بـ”الفساد أثناء التجنيد والتدريب والانتظام، وبالانتماءات الحزبية للمجندين، وكيفية المحاسبة”.
ويلفت البياتي إلى أن “تطبيق هذا القانون يحتاج إلى موازنة كبيرة نظراً للحاجة إلى بناء معسكرات جديدة وتوفير الرواتب للمكلفين والمدربين والضباط”.