ذات صلة

جمع

بعد صراعه العلني مع إسرائيل.. ما هو دور حزب الله ونفوذه في لبنان؟

أدى تصاعد الصراع بين القوات الإسرائيلية وحزب الله اللبناني...

الأمم المتحدة تجمع قادة العالم وسط قلق من اندلاع صراع إقليمي في لبنان

يشهد الشرق الأوسط توترات متزايدة بين إسرائيل وحزب الله...

اتهامات أوروبية.. نتنياهو يعترض الرسائل الموجهة إلى إيران

تتفاقم التوترات بين إيران وإسرائيل في الفترة الأخيرة، مما...

خبير عسكري: حرب لبنان الثالثة بدأت مع تفجيرات “البيجر”

ما زالت تبعات الهجوم الدموي الذي شنته قوات الاحتلال...

الجماعة تحاول الإساءة لمصر مجددًا عبر قنواتها الجديدة.. فشل إخواني جديد بعد فقدان التأثير الإعلامي

تدشين الإخوان لقنوات فضائية جديدة في الآونة الأخيرة بعد تجميد أنشطتها الإعلامية في تركيا، تابعين لجبهتين من جبهاتها الثلاث التي باتت عليها اليوم، بعد إعلان “تيار التغيير” مؤخرًا عن نفسه لينضم إلى جبهة لندن بزعامة إبراهيم منير وجبهة إسطنبول بزعامة محمود حسين، أثار التساؤلات عن استعادة التأثير الإعلامي المفقود للجماعة.

وهو ما فنده تحليل موسع عبر مؤسسة “تريندز” للبحوث والاستشارات، إذ اعتبرت أن هذه العودة الإخوانية للإعلام تثير عدة تساؤلات مهمة: أولها، ما طبيعة هذه العودة، وهل تمثل بداية إعادة بناء المنظومة الإعلامية للجماعة، في هذه المرحلة التي نشهد فيها ظل حالة من الانقسام والتشرذم زادت حدتها في الآونة الأخيرة مع ظهور “تيار التغيير”؟ وثانيها، ما أسباب هذه العودة الإعلامية، وأسباب اختيار هذا التوقيت بالذات؟ وثالثها، ما مدى نجاح “الإخوان” في إعادة بناء منظومتهم الإعلامية وتوظيف الإعلام كأداة يمكن استخدامها للضغط على النظام في مصر؟.

وأضاف التحليل أنه يكشف النظر إلى التفاعلات مع القناة على موقع “تويتر” عن بعض الملامح؛ من بينها أن حسابها على هذا الموقع أُطلق خلال شهر يونيو 2022 ووصل عدد متابعيها حتى لحظة كتابة هذا التقرير إلى 6690 متابعًا، أغلبها حسابات جديدة؛ ما يعني أنها ربما قد تكون صنعت خصيصًا لمتابعة حساب القناة، وهذا يوحي أنها قد تكون من صنع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أنفسهم.

أما قناة “حراك11/11/الحرية” فيكشف النظر إلى المنشورات التي تبثها القناة على مواقع التواصل الاجتماعي أن محاور عملها تدور حول مهاجمة دول الاستقرار العربي والدول التي شهدت ما يسمى بـ “الربيع العربي”، ومناهضة الاتفاقيات الإبراهيمية، واستغلال القضية الفلسطينية وتوظيفها في توجيه الانتقادات لبعض الدول العربية التي تسعى إلى تسوية القضية بشكل عادل.

ويشكل إطلاق هاتين القناتين مؤشرًا على أن جماعة الإخوان المسلمين بدأت بالفعل في إعادة بناء منظومتها الإعلامية، وأن العاصمة البريطانية لندن ستكون مركزًا لهذه المنظومة، حيث تم من هناك إطلاق مجموعة من المنصات الرقمية شملت قنوات على موقع يوتيوب، وكذلك قناة “الدعوة” وقناة “ق” التابعة لاتحاد علماء المسلمين، كما أسس المعارض والمرشح الرئاسي الأسبق أيمن نور، والمتحالف حاليًا مع “الإخوان”، شركة إعلامية جديدة تحت اسم “الشرق للخدمات الإعلامية” ستكون بديلًا عن القنوات التي تم إغلاقها في تركيا.

ويثير إطلاق قناتي “الشعوب” و”حراك”، بشكل متزامن، تساؤلًا مهمًا حول طبيعة العلاقة بين أجنحة التنظيم الثلاثة، خاصة وأنه يبدو أن محاور تغطية الأحداث والقضايا ستكون متشابهة إلى حد كبير، بالنظر إلى أنها ستدور حول الهجوم على مصر ودول الاستقرار العربي.

وفي هذا الإطار، ثمة تفسيران لهذا التزامن وهذا التشابه: أولهما أنه يمكن أن يكون هناك حالة من تكامل الأدوار بين الجبهات الثلاث، حيث يشير البعض إلى أن متابعة تحركات هذه الجبهات في هذه المرحلة يوحي بأن هناك تنسيقًا وتوزيعًا للأدوار بينهم، ففيما يضطلع إبراهيم منير وجبهته بالشأن السياسي والزعم بأن الجماعة ستتخلى عن ممارسة العمل السياسي، ينشط محمود حسين وجبهته في شن حملات دعائية عبر قناة الشعوب ومواقع إلكترونية وحسابات أخرى، بينما يتولى تيار التغيير العمل الحركي في الشارع عبر محاولة تسيير المظاهرات والقيام ببعض أعمال العنف.

في المقابل يرى أصحاب التفسير الثاني أن هذا التزامن في إطلاق القناتين يعكس حالة من التنافس بين الجبهات الثلاث، حيث ترغب جبهة محمود حسين في إثبات وجودها إعلاميًا بعد فقدان التنظيم أذرعته الإعلامية في تركيا ومن ثم الانتقال إلى لندن ومنافسة جبهة منير مراد. كما يسعى تيار التغيير إلى إثبات وجوده هو الآخر، وأنه قادر على الحشد وتحريك المظاهرات، إذ يدعو التيار إلى النزول إلى الشارع واتخاذ العنف سبيلًا، ومن ثم سيحاول أن يكون له دور في مظاهرات 11 نوفمبر التي تدعو إليها الجماعة في مصر.

واقع الأمر أنه يمكن الجمع بين التفسيرين؛ فربما نشأ نوع من تقاسم الأدوار غير المقصود بين جبهات الجماعة الثلاث، خاصة في ظل تشاركها جميعًا في الهدف الخاص بنشر الفوضى في مصر والتحريض على العنف وضرب الاستقرار الداخلي في البلاد، ومن أجل تحقيق هذا الهدف نَحَّتْ جانبًا هذه الجبهات خلافاتها، ولو لفترة مؤقتة. غير أن هذا لا يمنع أن تكون هذه الجبهات الثلاث ما زالت تتصارع، وأن كلًا منها يسعى لإحكام سيطرته على الجماعة وإثبات أنه الأحق بقيادتها، وأن منهجه في التعامل مع النظام في مصر هو الأفضل لاتباعه من أجل تحقيق أهداف الجماعة وإعادة إحيائها من جديد، بعد تعرُّضها لضربات مؤلمة أضعفتها كثيرًا طيلة السنوات العشر الماضية.

ويعد أحد الأسباب الأخرى التي تقف وراء العودة الإعلامية للإخوان هو محاولة الجماعة الضغط على النظام المصري والتصعيد ضده عبر تحريض المصريين، من خلال قناتي “الشعوب” و”حراك” ومنصات إخوانية أخرى، على الخروج إلى الشارع للتظاهر، مستغلة تنامي التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، وانعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP27) خلال شهر نوفمبر في مدينة شرم الشيخ.

ويأتي اتجاه الجماعة للتصعيد في ظل إصرار النظام في مصر على رفض أي مصالحة معها، فعلى سبيل المثال رفضت السلطات المصرية بوضوح مشاركة “الإخوان” في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، برغم أن الجماعة كانت ترغب في المشاركة في هذا الحوار، وهو ما عبرت عنه في الرسالتين اللتين أطلقهما القيادي الإخواني يوسف ندا، ثم إعلان إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد رغبة الجماعة في التخلي عن ممارسة أي عمل سياسي.

وفيما يتعلق باستعادة الإخوان للتأثير الإعلامي، فإن واقع الأمر أن التجربة تكشف أن الجماعة لن تستطيع أن تنجح في ممارسة لعبة الإعلام مرة أخرى، وهناك العديد من المؤشرات على ذلك، أولها فشل جميع الدعوات السابقة التي وجهتها الجماعة إلى المصريين خلال السنوات العشر السابقة للتظاهر والخروج إلى الشارع، وفي مقدمتها الدعوة التي أطلقها “الإخوان” للتظاهر في 11 نوفمبر 2016، تحت عنوان “ثورة الغلابة”، وهي المظاهرات التي لم يشارك فيها سوى مئات من دون أن يكون لها أي تأثير أو صدى، والمفارقة أن الجماعة سعت حينها إلى استغلال الوضع الاقتصادي الذي ترتب على قرار تعويم الجنيه المصري، وارتفاع سعر الدولار، ومن ثم ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات، وهو الأمر ذاته الذي تحاول الجماعة استغلاله في هذه المرحلة، وإن بشكل مختلف.

وتسعى جماعة الإخوان المسلمين إلى إعادة منظومتها الإعلامية مرة أخرى بعدما تعرضت للتجميد والانهيار عقب خروجها من تركيا، وأن إطلاق قناتي “الشعوب” و”حراك” يمثل خطوة في بناء هذه المنظومة، ولا سيما أن الجماعة تدرك تمامًا أهمية الإعلام كأداة تستخدمها في تحقيق العديد من الأهداف التي من أهمها في هذه المرحلة مواجهة نظام الحكم في مصر.

وهناك مجموعة من الأسباب التي تقف وراء اتجاه “الإخوان” لإعادة بناء منظومتها الإعلامية، من بينها: استعادة النشاط الإعلامي للجماعة، ومواجهة التحركات المصرية الإعلامية الساعية إلى امتلاك منظومة جديدة قادرة على التأثير دوليًا وإقليميًا، والضغط على نظام الحكم في مصر والتصعيد ضده.
وبرغم ذلك فلا يبدو أن الجماعة قادرة على إعادة توظيف الإعلام مرة أخرى كسلاح في مواجهة الدولة المصرية بالنظر إلى العديد من الشواهد التي تؤكد أن هذا السلاح قد فقد الكثير من قيمته أو تأثيره، في ظل إساءة استخدامه من قبل الجماعة طيلة السنوات العشر الماضية، ومن ثم لا يبدو أن الجماعة ستنجح في تحريك الشارع المصري بواسطة الإعلام، ولا يبدو أنها ستستطيع ممارسة أي ضغط على النظام يدفعه إلى النظر في تغيير طريقة تعامُله معها.

spot_img