بسبب السياسات القمعية والإجراءات الخانقة، يعاني الأتراك من الأزمات باستمرار، وخاصة تدهور الأوضاع الإنسانية، ليقع فريستها مختلف الأهالي، لاسيما المساجين الذين يقبعون خلف الأسوار في أوضاع متفاقمة صعبة.
وخلال الآونة الأخيرة، ارتفع عدد السجناء في تركيا بشكل مثير للقلق، حيث هناك ما يقرب من 310 آلاف شخص في تركيا مدانون أو محتجزون في السجون، وبهذا تصبح تركيا سابع دولة من حيث عدد المسجونين من بين 195 دولة في العالم، وهي ثاني دولة بها أكبر عدد من المسجونين بعد روسيا من بين 45 دولة في أوروبا.
وفي هذا السياق، أكد الكاتب التركي أورصان كي أويمان في مقال له في صحيفة جمهورييت أن في البلدان المضطربة، هناك عدد أكبر من السجناء في السجن، لأنه إذا تم كسر ترتيب بلد ما، فإن المزيد من الناس يميلون إلى ارتكاب جرائم في ذلك البلد.
وقال: إنّ هذا لا يعني أن عدد السجناء في السجون هو المؤشر الوحيد على أن الجميع سيرتكبون جريمة، أو أن النظام في حالة اضطراب في بلد غير منظم. ومع ذلك، فمن الحقائق أنه في البلدان المضطربة، ترتفع معدلات الجريمة بالمقابل. إن وجود عدد كبير من المواطنين في سجون دولة ما ليس شيئًا يدعو للفخر، إنه شيء يجب أن نخجل منه.
كما لفت الكاتب إلى أنه يوجد في الولايات المتحدة أكبر عدد من السجناء في العالم، سواء من حيث عدد السجناء أو عدد السكان. هناك ما يقرب من 2 مليون شخص في السجون الأميركية. وقال إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة دولة متطورة في العديد من المجالات، إلا أنها تحمل الرقم القياسي العالمي من حيث معدل الجريمة بسبب كونها متخلفة عن دول الاتحاد الأوروبي من حيث الاقتصاد والعدالة الاجتماعية، من حيث عدد السجناء في السجون، تتبع الصين الولايات المتحدة بحوالي مليون و600 ألف شخص.
ومع ذلك، بالنظر إلى أن عدد سكان الصين يبلغ 1.4 مليار نسمة ويبلغ عدد سكان الولايات المتحدة 335 مليونًا، فإن نسبة السجناء في الصين أقل من الولايات المتحدة الأميركية، بعد الولايات المتحدة والصين، فإن الدول التي يوجد بها أكبر عدد من السجناء في السجون في العالم هي البرازيل والهند وروسيا وتايلاند وتركيا وإندونيسيا والمكسيك وإيران على التوالي.
وبالحديث عن تركيا وتزايد عدد السجناء فيها، قال الكاتب أورصان أويمان: إنه مع تسجيل الرقم القياسي العالمي، فإن 0.6 بالمائة من سكان الولايات المتحدة في السجن، و0.36 بالمائة من سكان تركيا في السجن، مشروع جعل تركيا “أميركا الصغيرة” مستمر باطراد!
وشدّد الكاتب على فكرة أنه يمكن القول إن على تركيا أن تبذل المزيد من الجهود لتكون “أميركا الصغيرة”، لأن نسبة الأبرياء في السجون أعلى مقارنة بالولايات المتحدة!
كما شدّد أويمان على أن السجون ليست مراكز انتقام، بل هي مراكز تقام لعزل المواطنين الذين يضرون بالمجتمع بارتكاب جرائم لفترة معينة، وإعادة دمجهم في المجتمع خلال تلك الفترة. هذا ما يجب أن يحدث في دولة قانون ديمقراطية. ومع ذلك، كما هو الحال في العديد من دول العالم، ليس هذا هو الوضع الفعلي في تركيا.
وأكد أويمان أيضاً على أن ظروف السجون في تركيا تتخلف كثيرًا عن دول الاتحاد الأوروبي. على الرغم من أن تركيا أحرزت تقدمًا كبيرًا في إنهاء ممارسة التعذيب الجسدي في السجون، إلا أنها لم تحرز تقدمًا كافيًا فيما يتعلق بالتعذيب النفسي. بالنظر إلى الرسائل التي بعث بها سجناء من السجون ونقلها إلى أقاربهم ومحاميهم، يتضح أن تركيا لا تزال بحاجة إلى فعل الكثير في هذا الصدد.
ويتمّ عزل السجناء في الزنازين الضيقة، ويتمّ الحد من اتصالهم بأقاربهم ورؤيتهم، والحدّ من قدرتهم على التنفس في الهواء الطلق والتواصل مع السماء، ووصولهم إلى الصحف والمجلات والكتب والتلفزيون. وعدم تشغيل أنظمة التدفئة من وقت لآخر في الطقس البارد في الشتاء. وسوء الرعاية والتنظيف والتغذية.. وغيرها من المشاكل الرئيسة للسجون في تركيا حيث يكون هناك انعدام لوجود دراسات مؤهلة تقريبًا حول تدريب السجناء من أجل إعادة دمجهم في المجتمع.
وختم الكاتب مقاله بالقول: في تركيا، هناك العشرات من المواطنين الذين يضربون عن الطعام حتى الموت لتحسين هذه الظروف المروّعة. وإذا كان الشخص على استعداد للموت لتحسين ظروف السجن، فيجب على الحكومات التفكير بجدية في ذلك وحل المشكلة. وأضاف: أن تحويل السجون من مراكز الموت والاضطهاد والانتقام إلى أدوات لاستعادة المواطنين سيكون خطوة مهمة للغاية نحو الحضارة.