رغم مرور عامين على انفجار مرفأ بيروت الذي هز لبنان والعالم كله، إلا أنه حتى الآن ما زال الشعب كله متأثرًا بتلك الواقعة التي راح ضحيتها أكثر من 200 قتيل و6500 جريح وتشرد الآلاف ووقعت خسائر قدرت بمليارات الدولارات، وتهدم الكثير من الأبنية، لتحيي البلاد الذكرى الثانية اليوم.
ووقع في 4 أغسطس ٢٠٢٠، انفجار ضخم في مرفأ بيروت، تسبب في تشريد 300 ألف شخص، وأضرار مباشرة قيمتها 15 مليار دولار، حيث تضرر جراءه 50 ألف منزل وتسع مستشفيات رئيسية، و178 مدرسة، بينما ما زالت التحقيقات الدولية في لبنان تجري لمعرفة أسباب الانفجار.
وأسفرت التحقيقات عن أن الانفجار بسبب نيترات الأمونيوم، ثم بالإضافة إلى كيميائيات ومتفجرات، منها “كيروسين” وزيوت غازية، مع 25 طن مفرقعات وألعاب نارية، وصمامات انفجارية تستخدم بالتعدين والكسارات المستخرجة بالمحاجر، والمذيبات لتجريد الطلاء.
وأفادت التحقيقات بأن الانفجار هو من أكبر الوقائع غير النووية في التاريخ، حيث جرى بسبب اشتعال مئات الأطنان من نترات الأمونيوم بعد اندلاع حريق في مكان تخزينها، فيما أظهرت أن النترات شديدة الاحتراق تم تخزينها عشوائياً في الميناء عام 2014 دون تحركات من المسؤولين.
وبعد الانفجار ازدادت الأوضاع في لبنان سوءا، حيث فاقم من الأحوال الاقتصادية المنهارة وتدهورت الليرة، بينما دخلت البلاد في أزمة سياسية بالغة، حيث لم يتم تشكيل حكومة منذ ذلك الحين، واندلعت خلافات بالغة بين الأطراف السياسية الفاعلة.
وتصدرت وسوم مثل #انفجار_مرفأ_بيروت #لن_ننسى #4_آب ما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، الذي عبروا عن حزنهم جراء هذه المأساة، ونشروا صوراً وأسماء لضحايا الانفجار مطالبين بتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين.
كما كانت رئاسة مجلس الوزراء في لبنان قد أعلنت في بيان لها إغلاق الإدارات والمؤسسات العامة في ذكرى “فاجعة انفجار مرفأ بيروت”، وتنكيس الأعلام “تضامناً مع عائلات الشهداء والجرحى”.
وسادت حالة من الحزن عبر مواقع التواصل في لبنان، إذ نشر مغردون بنشر صور ومقاطع فيديو تحمل صور وأسماء الضحايا الذين راحوا في الانفجار المدمر، مشددين على ضرورة أن لا ينسى المجتمع هذه المأساة.
ورغم مرور عامين على انفجار مرفأ بيروت، لا تزال أسباب حدوث الانفجار مجهولة مع عدم اكتمال التحقيق، بعد اصطدام القاضي الذي يتولى التحقيق بالملف، بمعوقات تتعلق بالحصانة القانونية التي يتمتع بها النواب.
بينما يرى الكثيرون أن هذه القوانين تعرقل سير العدالة وتمنع من محاسبة المسؤولين، ومع ذلك فقط ضجت مواقع التواصل في لبنان بمطالبات بتحقيق العدالة، ونشر الحساب الرسمي للسفارة الأمريكية في بيروت تغريدة قال فيها إن “الشعب اللبناني يستحق العدالة”، واتهم البعض السلطات اللبنانية في عرقلة سير التحقيق في الانفجار.
قال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، سعد الحريري، إن ذكرى انفجار مرفأ بيروت، هي “جرح عميق لن يلتئم”، وكتب الحريري في تغريدة على “تويتر”: “انفجار 4 آب: جرح عميق في قلب بيروت لن يلتئم إلا بسقوط إهراءات التعطيل والاستقواء على الدولة والقانون وتصدع صوامع الاهتراء السياسي والاقتصادي وعروش الكراهية والتعصب الطائفي. العدالة لبيروت وأهلها وتخليد ذكرى الضحايا فوق كل اعتبار. لن ننسى”.
أما رئيس الحكومة المكلف، نجيب ميقاتي، فقال إنه “يوم حزين لن ينجلي سواده”، مضيفا في تغريدة على “تويتر” إنه “يوم حزين لن ينجلي سواده قبل معرفة الحقيقة الكاملة، لترقد أرواح الضحايا بسلام وتتبلسم قلوب ذويهم. لن يستقيم ميزان العدالة من دون معاقبة المجرمين وتبرئة المظلومين، ولا قيامة للبنان من دون العدالة الناجزة، مهما طال الزمن”.