من الصراعات على أرض الواقع للفضاء الإلكتروني، تزداد وتتفاقم انتهاكات الحوثي بحق الشعب اليمني، بينما ترفض الميليشيات أي محاولات للسلام وتخترق الهدنة، إذ تحاول حاليا عبر الإنترنت التحكم في أحوال المواطنين وانتهاك خصوصيتهم لتنفيذ الجرائم والاغتيالات والانتهاكات.
وكشف تقرير جديد مسرب، صادر عن الشركة اليمنية للاتصالات الدولية “تيليمن”، المشغل الحصري لخدمات الاتصالات الدولية والإنترنت في اليمن، وجود استغلال من ميليشيات الحوثي وصراع أجنحتها على توظيف هذا القطاع في الإثراء والتجسس على المناهضين.
وحمل التقرير عنوان “اكتشاف تهريب مكالمات دولية واردة عبر شبكة الهاتف الثابت خارج إطار شبكة تيليمن”، ليكشف النقاب لأول مرة عن الفرق الحوثية التي تستغل الشركات الرسمية والأهلية لجمع الأموال وتتبع المناهضين؛ إذ صممت منظومة تجسسية استخباراتية تستهدف قادة الشرعية وخصوم الانقلابيين، وذلك تحت ما يسمى “اللجنة التنسيقية العليا لمكافحة التهريب”، بقيادة ما يسمى “وزير الاتصالات وتقنية المعلومات” في حكومة الانقلاب مسفر النمير.
ويتضمن التقرير كشفا للكيانات الرسمية التي تخضع للحوثيين في صنعاء، ويفضح توظيف ما يسمى جهاز “الأمن والمخابرات”، إمكانيات شركة الاتصالات، عسكريا وأمنيا، إذ بين أن ما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات” لميليشيات الحوثي شيد ما أسماه “شبكة اعتراض أمنية” تستهدف “التجسس على المكالمات الهاتفية لكافة مسؤولي الحكومة المعترف بها دوليا” وقياداتها الرفيعة.
وقال التقرير: إن النافذين الحوثيين يستغلون الربط البيني بين جهاز المخابرات وشركات الاتصالات لأجل التنصت، ويمررون عبر ذلك الربط مكالمات دولية مهربة، بعيدا عن “تيليمن” ويتقاسم النافذون تلك الأموال فيما بينهم مع المتواطئين معهم في شركة الاتصالات الدولية.
وتابع: إن ميليشيات الحوثي اعتقلت خبيرا أمنيا في الاتصالات الدولية عام 2017، ولفقت له تهمه تهريب المكالمات الدولية وأجبرته على التجسس على وسائل الاتصال الصوتية باستخدام شبكة الهاتف الثابت التابع للمؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة لسيطرته الميليشيات.
وأظهر أيضا أن الشركة الخاضعة للحوثيين كانت تتولى الرصد والتجسس “بصورة احترافية وعبر السنترالات” الحكومية، وتوفر كافة المتطلبات والوسائل الفنية التي تمكنها من اعتراض ومتابعة ما وصفتها بـ”المكالمات المشبوهة”، مقابل تخفيف الحوثيين تهريب المكالمات الدولية التي تكبدها خسائر كبيرة، وهي بذلك تشرعن رسميا تجسس الميليشيات واستغلال الاتصالات عسكريا.
تدفع الشركة اليمنية للاتصالات والإنترنت سنويا لفريق ما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات”، مليارا و600 مليون ريال بغطاء عمله في مكافحة “تهريب المكالمات”، قبل أن يتضح أنه يمارس الجريمة بنفسه، بينما منظومة المخابرات الحوثية تقوم بتهريب المكالمات الدولية باستخدام أرقام شبكة الهاتف الثابت بسعة تصل إلى 630 قناة، تمرر خلالها مئات الآلاف من الدقائق يوميا.
واعتبر التقرير أن تسويق جريمة التهريب والتجسس “سيؤثر على علاقة الشركة بشركاء العمل الدوليين والذي قد يترتب عليه تجميد سداد المبالغ المستحقة للشركة والتي تبلغ (180) مليون دولار سنوياً، إلى جانب مخاطر الطعن في تواطؤ الشركة في دعم المجهود الحربي”.
وكان تقرير الخبراء المعني باليمن المقدم لمجلس الأمن في يناير الماضي أشار إلى أن الفريق طلب من شركة “تيليمن” بصنعاء توضيحا حول استغلال الحوثيين للنطاق الوطني من المرتبة العليا “ye” في الرقابة، لكنها زعمت حينها أنه يتم “استخدام فرز المحتوى لحماية الأطفال”، ما يكشف وجود حرب خفية وممنهجة ضد اليمنيين ذات تداعيات عسكرية وأمنية واقتصادية وقانونية واجتماعية.