حالة من الأمل والتفاؤل تسيطر على أبناء الإمارات، بتولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لحكم البلاد، خلفا لشقيقه الأكبر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي رحل عن عالمنا الجمعة الماضية، ليستكمل مسيرته وأسس والده الشيخ زايد؛ إذ انعكس ذلك على الأجواء العالمية بالترحاب والدعم والإشادات.
وحرصت الوكالات والصحف العالمية على تسليط الضوء على قيادة الشيخ محمد بن زايد الحكيمة لإمارة أبوظبي، والإشادة برؤيته الجديدة للإمارات بصورة عامة؛ إذ أبرزت مختلف المجالات بالبلاد، ومن بينها التنمية المستدامة والتطوير بمجال التعليم، والذي يشكل بإستراتيجيته ركيزة أساسية وقاعدة صلبة.
ويعتبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رائد عملية تطوير التعليم والاهتمام به ووضعه في قمة الأولويات الوطنية، سواء على مستوى الرؤية، أو على مستوى البرامج والسياسات؛ إذ يُعدُّ نموذجاً عالمياً للقادة الذين ينظرون إلى التعليم والاستثمار فيه وتطويره، بوصفها مفاتيح الدخول الواثق والآمن إلى المستقبل؛ إذ ساهم في تطوير المسيرة التعليمية في الدولة، ورفدها بالمزيد من الأفكار المبتكرة والخلاقة، بما يعزز دور المنظومة التعليمية في دفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة بمختلف أبعادها، وفي رسم ملامح المستقبل المشرق الذي ينتظر دولة الإمارات.
كما يمتلك رؤية استثنائية للتعليم، ويعدُّه حجر الأساس الذي تقوم عليه قصة نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تواصل إبهار العالم بإنجازاتها في مختلف المجالات، وهي رؤية تمثل نبراساً للعاملين في المجال التعليمي والتنموي، ليس داخل دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، وإنما في منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية عموماً.
لذا تصدّر قطاع التعليم أولويات رئيس الدولة الجديد، حيث شدّد دوماً على ضرورة تنمية قدرات الطلبة وتطوير مهاراتهم، بما ينسجم مع متطلبات وتحديات القرن الحادي والعشرين، ويمكنهم من بناء حاضرهم ومستقبل وطنهم، مع اعتزازهم بقيم مجتمعهم ووطنهم وهويتهم الأصيلة، وأكد في مناسبات عدة، أن «أبناءنا الطلبة هم ذخرنا ورصيدنا واستثمارنا للمستقبل»، لافتاً إلى أن «التعليم يأتي أولاً.. وهو القاعدة الصلبة للانطلاق في مرحلة ما بعد النفط».
ومن أقوال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في هذا الصدد، إن “رهان دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات المقبلة سيكون الاستثمار في التعليم؛ لأنه القاعدة الصلبة للانطلاق في مرحلة ما بعد النفط”، وقال أيضا: إن “مهنة التعليم ارتبطت بالمنزلة الرفيعة والمكانة الاستثنائية في نفوسنا، واستمدت أهميتها ومكانتها وقوتها من رسالتها النبيلة التي اتخذت من القيم التربوية والمبادئ السامية والعلم والمعرفة منهجية تؤطر لها، وتجعل من المعلم شريكاً أساسياً في تنمية العقول، وتهذيب الأخلاق، وبناء وتنمية المجتمعات”.
وسبق أن أصدر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، كتاباً بعنوان «محمد بن زايد والتعليم»، أكد فيه أن اهتمام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالتعليم كانت له روافد رئيسة امتدت منابتها إلى مدرسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد المؤسّس وصاحب الرؤية الحكيمة التي رسخت أسس دولة الإمارات ونهضتها في مختلف المجالات.
ولفت الكتاب إلى أن أبرز أسس رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد للنهضة التعليمية التي تستشرف المستقبل، هو إعلاء شأن التعليم، باعتباره محركاً أساسياً يسهم في تطوير الدولة، كما أن رؤيته لا تقتصر على وضع الرؤى والأفكار والتصورات العامة فحسب، وإنما يمتد إلى المتابعة الميدانية على الأرض، لتنفيذ هذه الرؤى والأفكار، ومدّ الحقل التعليمي بكل ما يحتاج إليه من أجل أداء رسالته، والتواصل المستمر مع المؤسسات التعليمية والمعلمين والطلبة.
وتتضمن رؤية الشيخ محمد بن زايد حول النهوض بالتعليم، الاهتمام بالجوانب العلمية والأخلاقية، من منطلق إيمانه بأن المؤسسات التعليمية هي المنوط بها قبل غيرها تعميق القيم الأخلاقية لدى النشء والشباب، وهي القادرة على النهوض بهذه المهمة، وأن الأخلاق هي عنصر أساسي في المنظومة التنموية الشاملة والقادرة على الاستدامة التي تتبناها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكدت مبادراته وتوجيهاته في قطاع التعليم، المكانة المتميزة التي يحظى بها عند سموه، باعتباره حجر الأساس الذي يقوم عليه بناء الدولة؛ إذ اعتبر سموه أن التعليم هو بوابة العبور الآمن إلى المستقبل، ويؤمن بدوره في بناء الإنسان، وتعزيز قيم الانتماء والولاء ومواجهة الأفكار الظلامية، ودعم المشروعات الوطنية الكبرى.
وأطلق مسبقا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مبادرة تدعم العملية التعليمية بمادة “التربية الأخلاقية” في المناهج والمقررات الدراسية، وتشمل خمسة عناصر رئيسة، هي الأخلاقيات، والتطوير الذاتي والمجتمعي، والثقافة والتراث، والتربية المدنية، والحقوق والمسؤوليات، وفي عام 2005 بقرار من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أنشئ معهد التكنولوجيا التطبيقية، وأحدث القرار تغييراً جذرياً، حيث تم إنشاء معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني في عام 2007، وأتاح فرصة التعليم لجميع أبناء وبنات الدولة.
وأكدت مبادرات الرئيس الإماراتي في مجال التعليم المهني والفني ضرورة الارتقاء به ودعم الابتكار. وظهر ذلك بزيادة عدد طلاب مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني على مستوى الدولة، وأصبح أبناء المركز اليوم الأفضل من الناحية الأكاديمية.
ووفق توجيهاته استقطبت الإمارات الجامعات العالمية، حيث افتتح فرع لكل من جامعة السوربون – أبوظبي، وجامعة نيويورك – أبوظبي، بهدف فتح آفاق ومجالات للتطور أمام المتعلمين، وضرورة تنمية الموارد البشرية من خلال التعليم المتطور والهادف، بالإضافة إلى برنامج “منحة الشيخ محمد بن زايد للتعليم العالي” في مايو 2011، لتمويل المنح الدراسية لخريجي جامعة زايد لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه.
كما وجه أيضا بإطلاق جائزة محمد بن زايد لأفضل معلّم خليجي، تقديراً وعرفاناً بمحورية دور المعلم في تنشئة الأجيال، ثم توسعت الجائزة، مستهدفة في دورتها الأخيرة، سبع دول جديدة، هي سوريا والمغرب والعراق وتونس، بجانب سويسرا وفنلندا والنمسا ليصبح العدد الإجمالي للدول المستهدفة 13 دولة.
وقال المهندس عبدالرحمن محمد الحمادي، وكيل وزارة التربية والتعليم لتحسين الأداء، إن اهتمام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بالتعليم لا يقتصر على وضع الرؤى والأفكار فحسب، وإنما امتد إلى المتابعة والزيارات الميدانية والمبادرات النوعية، واستقبال الطلبة وتكريم المتميزين، والتوجيهات السديدة بتوفير جميع المعطيات التي تعزز مسيرة التطور العلمي، والتواصل مع المؤسسات التعليمية والمعلمين والطلبة، وتوفير الممكنات التي ترتقي بالأداء التعليمي الذي يواكب مستجدات العصر واقتصاد المعرفة، وتوفير البيئة الحاضنة للمبدعين من الطلبة والمعلمين.
وتابع: إن دوره في إثراء المراجع ودعم قطاع التعليم بالكتب والمراجع التعليمية، يكرس أهمية التعليم في رؤيته، حيث كان توجيهه بتخصيص 6 ملايين درهم لشراء مجموعة قيمة من الكتب والمراجع والمواد التعليمية ضمن 500 ألف عنوان في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في 2021، تتويجا لرؤيته في أهمية الكتاب الذي يمثل دعما للعقول التي تمثل الركيزة الأساسية في نهضة الدول.
وأوضح أن التعليم في رؤيته تتضمن تعزيز الاهتمام بالجوانب العلمية والأخلاقية، وغرس هذه القيم وتعميقها لدى النشء والشباب، باعتبار أن الأخلاق في العنصر المهم والأساسي في المنظومة التنموية الشاملة، بمحاور عدة مرتبطة الأخلاقيات، والتطوير الذاتي والمجتمعي، والثقافة التراث، والتربية المدنية، والحقوق والمسؤوليات، لتحقيق الاستدامة التي تتبناها الدولة، بجانب دعواته إلى تمكين الأسرة، وأولياء أمور الطلبة للتفاعل والإسهام في دعم الجهود التعليمية والتشارك في بناء العقول الوطنية وإعداد أجيال المستقبل.