في تلاعُب قطري جديد لافت للأنظار، بدأت قطر في لعب دور مثير للجدل بزعم تحقيق الاستقرار في الضفة الغربية وقطاع غزة في الأسابيع الأخيرة، مع تقارُبها من مصر والولايات المتحدة.
وفي تقرير لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، رصدت مجموعة من التحركات القطرية الأخيرة في البلاد، من بينها إجراءات التهدئة وجهود المبعوث القطري لضمان عدم امتداد الاشتباكات في يوم الأرض في مارس إلى قطاع غزة، قبل أسبوعين، عقب إجراء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مكالمتين هاتفيتين، إحداهما مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والأخرى مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل، وطالب هنية الطرفين بمنع التصعيد.
تأتي الخطوات الأخيرة للإمارة الصغيرة، بعد تقديمها مساعدات مالية عديدة لحركة حماس والتي تصل إلى 3 مليارات دولار على مدى العقد الماضي، وفقًا للأرقام التي حصل عليها “هآرتس”، بحسب مصادر قطرية، من بين 1.5 مليار دولار استثمرتها قطر في قطاع غزة، ذهب نصفها تقريبًا إلى مشاريع لما يسمى بـ “مناطق الرفاهية”، وتقدر بحوالي نصف مليار دولار، ثم تم تحويل حوالي 9 ملايين دولار عن طريق الأمم المتحدة لدعم الأيتام من عملية الجرف الصامد، لبناء خزانات وقود لمحطة الكهرباء في غزة، لتوسيع ملعب كرة القدم اليرموك وبناء مركزين بيطريين في بيت لاهيا، بالإضافة لافتتاح مستشفى الشيخ حمد آل ثاني في غزة، الذي سمي على اسم أمير قطر السابق، تهدف من خلالها التوغل داخل البلاد ولعب دور فيها.
وقال مسؤول إسرائيلي: “إسرائيل تتفهم أن قطر يمكن أن تساعد في حل قضية غزة وتؤدي إلى تهدئة الوضع”، وفيما يتعلق بتقارب قطر المتزايد من إيران، قال المسؤول: “لقد انتهى زمن الأبيض والأسود. اليوم يمكن لأي شخص أن يساعد خصمك ولكن أيضًا في نفس الوقت يساعدك على تعزيز اهتماماتك”.
تتمتع إسرائيل منذ سنوات بعلاقة معقدة ومخفية عن الأنظار مع قطر، إذ أجرى مسؤولون في وزارة الخارجية والموساد ووزارة الدفاع حوارات مع نظرائهم، وتمت إقامة علاقات اقتصادية مختلفة، وزار كبار المسؤولين الإسرائيليين قطر أكثر من مرة، معظمها سرا، وتبادل قادة البلدين رسائل مباشرة. على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين البلدين، سمحت قطر في السنوات الأخيرة للرياضيين الإسرائيليين بالمشاركة في المسابقات التي أقيمت هناك، وفي نوفمبر من المتوقع أن يزور العديد من الإسرائيليين قطر لأول مرة لحضور مباريات كأس العالم لكرة القدم.
وقد يفاجأ الكثير من الإسرائيليين عندما يعلمون أن معظم المساعدات المالية القطرية للفلسطينيين، 1.65 مليار دولار، ذهبت إلى الضفة الغربية، وليس قطاع غزة، إذ جعلت لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحادة في السلطة الفلسطينية، إلى جانب الانخفاض الحاد في التبرعات من الدول الغربية.
وتابعت الصحيفة أن الجمهور الإسرائيلي يعلم عن دراية الحقائب المليئة بالنقود التي استخدمتها قطر لتحويل عشرات الملايين من الدولارات من المساعدات إلى قطاع غزة بعد أن أعلنت السلطة الفلسطينية أنها لن تدفع رواتب مسؤولي حماس في القطاع، وهو ما أثار انتقادات حادة في إسرائيل، وبعد ذلك حظرت الحكومة هذه الممارسة، لكن قطر لا تزال تدفع هذه الرواتب بوسائل بديلة، مثل شراء وتحويل الوقود الذي يمكن لحماس بيعه بعد ذلك، على افتراض أن تحويل الأموال إلى قطاع غزة سيساعد على منع الاشتباكات.
كما ورد في صحيفة هآرتس، في الأسابيع الأخيرة، طلب المسؤولين الإسرائيليين من قطر تخفيف حدة التقارير التي تبثها القناة حول الاشتباكات في الحرم القدسي، والتي يعتبرها السياسيون في إسرائيل بمثابة تحريض.
وترى إسرائيل أن تدخُّل قطر المتزايد في قطاع غزة والضفة الغربية جزء من تحوُّل أكبر، إذ كانت الدولة التي دعمت جماعة الإخوان المسلمين – والتي استضافت زعيمها الروحي يوسف القرضاوي لسنوات واتُّهم بالمساعدة في تقوية حماس – تعمل مؤخرًا على تحسين علاقاتها مع مصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
قال مسؤول إسرائيلي: “يريد القطريون الآن أن يكونوا في علاقة أفضل مع الجميع”، مضيفًا: “الاستثمار في جماعة الإخوان المسلمين ساعد قطر على ترسيخ مكانتها في المنطقة وهو ما تهدف إليه، ومن وجهة نظر قطر، لم يستثمروا الأموال في مجموعات متطرفة مختلفة لدعم الإرهاب، ولكن بدلاً من ذلك للحفاظ على الحوار معها والاعتدال فيه”.
في يناير 2021، أعلنت وزارة الخارجية المصرية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وقال أحد الأشخاص المطلعين على الوضع: “لقد عاد القطريون إلى رشدهم”، مضيفًا: “لقد قطعوا المساعدات عن جماعة الإخوان المسلمين وأصبحوا أقرب إلى مصر”.