تشهد السودان حالة من التخبط والخلاف السياسي المحتدم، الذي لم يهدأ خلال الفترة الماضية وإن كان تفاقم بصورة بالغة حتى باتت الصدارة للمظاهرات والاحتجاجات، والتي يحاول من خلالها الإخوان القفز على المشهد السياسي للعودة إلى السلطة واستغلال الأوضاع.
وفي العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من الولايات، خرجت مظاهرات ضخمة تزامنا مع ذكرى ثورة أكتوبر 1964، بعد أن دعا لها عدد من الأحزاب السياسية والأطراف المهنية ولجان المقاومة بسبب الصراعات السياسية والخلافات الضخمة.
وخلال تلك المظاهرات، تخللها وزراء بارزون بالحكومة الانتقالية وهم يرددون شعارات داعمة للحكم المدني، منهم وزير الصناعة والقيادي الأبرز في تحالف الحرية والتغيير، إبراهيم الشيخ، ووزير مجلس الوزراء خالد سلك، ووزير النقل المهندس ميرغني موسى، وهو ما أشعل الحماس بين المتظاهرين.
وردد المتظاهرون شعارات تطالب باسترداد الثورة وحل الحكومة الحالية وتشكيل أخرى من كفاءات وطنية مستقلة، وتوسيع المشاركة في الائتلاف الحاكم، منها “الحرية والسلام والعدالة ودعم الحكم المدني”.
وتزامنا مع ذلك، دخل اعتصام مجموعة منشقة من قوى الحرية والتغيير أمام القصر الرئاسي، في يومه السادس على التوالي، حيث دعت تلك المجموعة للخروج في مسيرات لدعم اعتصام، والمطالبة بحل الحكومة وتشكيل أخرى من كفاءات وطنية مستقلة.
كما دعا تحالف قوى الحرية والتغيير، الائتلاف المدني في الحكم، لمظاهرات اليوم، من أجل دعم التحول المدني الديمقراطي، وقطع الطريق أمام ما يصفونه بمساعٍ انقلابية للانقضاض على الثورة.
فيما يرى تجمع المهنيين السودانيين أن الصراع بين المجموعتين يدور حول تقسيم المناصب والامتيازات وخدمة المحاور الخارجية، حيث أطلق دعوة إلى الخروج لإسقاط الشراكة بين المكونين المدني والعسكري.
بينما اختلفت لجان المقاومة في الأهداف والوجهات، حيث أصدرت الغرفة المشتركة لمليونيات الحكم المدني، والتي تضم أكثر من 30 طرفا الخروج في تظاهرات اليوم لتحقيق عدد من المطالب، من بينها “استكمال عملية السلام الشامل، وتسليم السلطة للمدنيين، وتكوين مجلس تشريعي ثوري، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وتحويل لجنة التحقيق في مجزرة القيادة العامة إلى لجنة دولية، ومحاسبة وإقالة حاكم إقليم دارفور ووزير المالية ومدير الشركة السودانية للموارد المعدنية وممثل مسار الوسط في اتفاقية جوبا”.
وتأتي تلك المظاهرات وسط تشديدات أمنية موسعة، حيث أغلق الجيش السوداني الطرق المؤدية إلى القصر في القيادة العامة، وتأمين المواكب السلمية ومؤسسات الدولة الحيوية، وركزت على حماية سجن “كوبر” القومي الذي يحتجز فيه الرئيس المعزول عمر البشير وأفراد نظامه.
ودعا الناطق الرسمي للشرطة، العميد إدريس ليمان، المواطنين لسلمية المظاهرات، مؤكدا أن التظاهر حق مكفول للجميع وفق الوثيقة الدستورية، ولذلك فإن الشرطة ستتعامل بحيادية وإنها على مسافة واحدة من الجميع.
ومن ناحيته، شكل النائب العام السوداني غرفة مركزية برئاسته للإشراف والمتابعة لحماية المواكب والتظاهرات، وقرر نشر أكثر من 40 وكيل نيابة بولاية الخرطوم، وتوجيهه رؤساء النيايات في الولايات الأخرى باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية وتأمين المواكب والتظاهرات.