يزداد الخناق تدريجيًا على حركة النهضة بتونس، حتى تكاد تدمي رقاب قادتها تماما، منذ قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، التي أصدرها الأحد الماضي بإعفاء رئيس الحكومة وتعطيل البرلمان وتوليه السلطتين التنفيذية والتشريعية، استنادا لمواد الدستور، لتصل الآن حتى المطالبات بحل الحركة الإخوانية.
لم تقتصر التضييقات تجاه حركة النهضة، على الانتفاضة الشعبية تجاههم، وحل البرلمان فقط، أو رشق قادتها بالحجارة أمام مقر البرلمان أثناء محاولتهم الاعتراض على قرارات سعيد، حيث امتدت إلى إجراء تحقيقات موسعة عن مصادر تمويلهم الخارجية التي تسببت في التلاعب بالانتخابات والإضرار بأوضاع البلاد، ثم تسليط الضوء على ملف الأموال المنهوبة بالبلاد، ليفاقم الأمر راشد الغنوشي زعيم الحركة بإطلاقه العديد من التصريحات التهديدية التي أظهرت استعداد النهضة لبث العنف والإرهاب بالشارع التونسي، فضلا عن تهديد أوروبا بورقة المهاجرين.
وخلال ذلك، تم الكشف عن الفساد السياسي والمالي الضخم بين أفراد النهضة، لتتجدد الأصوات العالية المطالبة بحل الحركة، حيث طالب حقوقيون تونسيون بتطبيق القانون على الحركة الإخوانية، مثلما حدث مع حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، عقب مظاهرات 2011.
وكشف حقوقيون تونسيون استعدادهم لتقديم شكوى جزائية خلال أيام إلى وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، لمقاضاة حركة النهضة والمطالبة بتجميد أموالها، لثبوت تورطها في فساد ضخم بتقرير دائرة المحاسبات، الذي أثبت أيضا تلقيها أموالا أجنبية، بما يخالف القانون التونسي.
ومن بين الأوراق التي يعتمد عليها الحقوقيون كشف نقل النهضة الشباب للجهاد في سوريا، فضلا عما شهدته البلاد في 25 يوليو الجاري، بدعوة رئيس الحركة راشد الغنوشي أنصاره عبر صفحته الرسمية على منصات التواصل “لاقتحام البرلمان”.
وأكدوا أنه على مدار حوالي 10 أعوام اخترقت النهضة القانون التونسي، وهو ما يتطلب المحاسبة عليه وفقا لإجراء التحقيقات اللازمة ضد النهضة وقياداتها وفق القانون التونسي، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في الفساد المالي والاغتيالات السياسية، وكشف جرائم الحركة أمام الرأي العام والقضاء.
وبالتزامن مع ذلك، انقلب شباب النهضة على الغنوشي، حيث أصدر شباب حزب “حركة النهضة”، بيانا طالبوا فيه قيادة حزبهم بحل المكتب التنفيذي للحزب لفشل خياراته بتلبية حاجات التونسيين، داعين راشد الغنوشي بتغليب مصلحة تونس.
وأصدر 130 فردا من شباب الحركة، بيانا بعنوان “تصحيح المسار”، أكدوا فيه أن “تونس تمر بمنعطف تاريخي أفضى إلى اتخاذ رئيس الجمهورية إجراءات استثنائية، قوبلت بترحيب شعبي كما أثارت تحفظ جزء من النخبة السياسية والقانونية”، مضيفا: “هذه الوضعية الحرجة، والتي لا يخفى على أحد منا أن حزبنا كان عنصرا أساسيا فيها، تضعنا أمام حتمية المرور إلى خيارات موجعة لا مفر منها، سواء كان ذلك من منطلق تحمل المسؤولية وتجنب أخطاء الماضي، أو استجابة للضغط الشعبي”.
وأشاروا إلى أنه “رغبة منا في الدفع نحو ما نراه مخرجا لبلادنا نحو حلول ناجعة، بعيدا عن الآليات المعتمدة سابقا التي لا يمكن إلا أن تنتج سياسات وخيارات بنفس رداءة سابقاتها، لذلك نتمسك بمكتسبات الثورة التونسية، وانتهاج الحوار كخيار أوحد لتجاوز الأزمة من خلال العودة إلى المؤسسات الدستورية المنتخبة واستئناف عملها في أقرب الآجال، وندعو القيادة الحالية لحركة النهضة لتحمل المسؤولية عن التقصير في تحقيق مطالب الشعب التونسي، وتفهم حالة الاحتقان والغليان، حيث لم تكن خيارات الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطريقة إدارتها للتحالفات والأزمات السياسية ناجعة في تلبية حاجيات المواطن”.
كما طالبوا “مجلس الشورى الوطني بتحمل مسؤوليته وحل المكتب التنفيذي للحزب فورا وتكليف خلية أزمة قادرة على التعاطي مع الوضعية الحادة التي تعيشها تونس لتأمين العودة السريعة لنشاط المؤسسات الدستورية، وندعو رئيس البرلمان راشد الغنوشي لتغليب المصلحة الوطنية واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتأمين عودة البرلمان إلى سيره العادي، ونطالب الحركة بأن تتفاعل إيجابيا مع أي مبادرة سياسية تخرج البلاد من أزمتها الخانقة، تحت سقف القانون والمؤسسات الدستورية”، مشددين على “تحمل قيادة الحزب مسؤولياتها والتفاعل بجدية مع هذه المطالب في أقرب الآجال، لقطع حالة التخبط”.