لليوم العاشر على التوالي، شهد حي الشيخ جراح في مدينة القدس الشرقية المحتلة اضطرابات ضخمة بين فلسطينيين ومستوطنين يهود، بسبب دعوى قانونية طويلة الأمد ضد عائلات فلسطينية، الذين يواجهون خطر الإخلاء من منازلهم الموجودة على أراضٍ يطالب بها مستوطنون.
وتجددت الاشتباكات في شوارع حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، حيث أُصيب مواطنان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط للسلطات الإسرائيلية، مساء أمس، في مواجهات بالحي، حيث اقتحم مستوطنون إسرائيليون مأدبة إفطار أقيمت أمام المنازل المهددة بالإخلاء، وأدوا صلوات تلمودية استفزازية.
كما اقتحمت قوات كبيرة من القوات الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى المبارك، عقب صلاة المغرب والإفطار، وأطلقت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع تجاه المصلين، ما تسبب في سقوط إصابات بين المواطنين في الرأس والعيون، واعتقال آخرين، كما هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المصلين قبل أذان العشاء ومنعتهم من أداء صلاة العشاء والتراويح.
وسقط خلال تلك الوقفة وعلى مدار 10 أعوام، وفقا لخدمات الطوارئ الفلسطينية، حوالي 22 فلسطينيا، خلال إحدى ليالي الاحتجاجات ضد الإخلاء المحتمل لعائلات فلسطينية لصالح مستوطنين يهود في حي الشيخ جراح بالقدس، بقيادة الأهالي والنشطاء.
وانهالت الإدانات العربية لدعم الموقف الفلسطيني، حيث أعربت الإمارات عن إدانتها لاقتحام المسجد الأقصى وإخلائه من المصلين وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم في حي الشيخ جراح في القدس، ودعت إسرائيل إلى خفض التصعيد.
وقال وزير الدولة، حليفة شاهين المرر: إن “الإمارات العربية المتحدة تعرب عن قلقها الشديد إزاء أحداث العنف التي شهدتها القدس الشرقية المحتلة وأنها تدين بشدة اقتحام المسجد الأقصى الشريف وتهجير عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح، والتي نجم عنها إصابة عدد من المدنيين”، مضيفا: “دولة الإمارات تدين وتستنكر بشدة اقتحام السلطات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك”.
وأكد على “ضرورة تحمُّل السلطات الإسرائيلية لمسؤوليتها وفق قواعد القانون الدولي لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين وحقهم في ممارسة الشعائر الدينية، وكذلك وقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك”، مشددا على ضرورة احترام دور الأردن في رعاية المقدسات بموجب القانون الدولي والوضع التاريخي القائم دعا إلى “عدم المساس بسلطة وصلاحيات إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك”.
ودعت الإمارات إسرائيل إلى “تحمل المسؤولية في خفض التصعيد، وإنهاء كافة الاعتداءات والممارسات التي تؤدي إلى استمرار حالة من التوتر والاحتقان”، وأكدت على ” ضرورة الحفاظ على الهوية التاريخية للقدس المحتلة والتهدئة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب انجراف المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار وتهديد السلم”.
كما أكدت السعودية رفضها للإجراءات الإسرائيلية بإخلاء منازل في القدس وفرض السيطرة الإسرائيلية عليها، في إشارة غير مباشرة إلى أحداث “حي الشيخ جراح”، لما صدر بخصوص خطط وإجراءات “إسرائيل” لإخلاء منازل فلسطينية بالقدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها”.
وأبدت تنديد المملكة بأي إجراءات أحادية الجانب، ولأي انتهاكات لقرارات الشرعية الدولية، ولكل ما قد يقوض فرص استئناف عملية السلام لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مجددة وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم جميع الجهود الرامية إلى الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
كما أدان البرلمان العربي، جريمة التطهير العرقي التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال التهجير القسري وإخلاء 28 منزلاً يقطنها 500 مواطن فلسطيني في حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، تمهيداً لإقامة وحدات استيطانية إسرائيلية جديدة مكانها.
وشدد البرلمان العربي على أن هذه العملية تُعد جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان على مرأى ومسمع العالم أجمع ونقطة سوداء في جبين المجتمع الدولي، حيث أن هذه المنازل هي حق لسكانها الفلسطينيين، وأقيمت بشكلٍ قانوني للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا قسراً من منازلهم عام 1948، وإن استعمال القوة والعنف والإرهاب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لإخراجهم منها وإحلال مستوطنات إسرائيلية غير قانونية مكانها، هو تحدٍ للأمم المتحدة والمجتمع الدولي أجمع، وخرق فج لاتفاقيات جنيف ذات الصلة، وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب مبادئ وأحكام المحكمة الجنائية الدولية ويعاقب عليها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
و أبدت أميركا “قلقها العميق” إزاء “تصعيد العنف في القدس”، مؤكدة إدانتها خطاب “الكراهية” بعد أن أطلق يهود متشدّدون هتافات مناهضة للفلسطينيين.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أنه “نشعر بقلق عميق إزاء تصعيد العنف في القدس”، مناشدًا رفض خطاب المتظاهرين المتطرفين الذين يرددون شعارات تنمّ عن كراهية وعنف، قائلا: “ندعو إلى الهدوء والوحدة، ونحضّ السلطات على ضمان سلامة الجميع في القدس وأمنهم وحقوقهم”.
كما طالبت الأمم المتحدة إسرائيل بالوقف الفوري لجميع عمليات إجلاء الفلسطينيين عن القدس الشرقية، مؤكدة أن هذه الإجراءات “قد ترقى إلى جريمة حرب”، ما صنف بأنه حرب غير تقليدية.
وقال المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان روبرت كولفيل، إن أوامر الإخلاء إذا صدرت وتم تنفيذها، ستنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، مضيفا أن حي الشيخ جراح في القدس الشرقية يواجه خطر الإجلاء القسري، مؤكدا أن “نقل السكان المدنيين التابعين للسلطة القائمة بالاحتلال إلى أراضٍ أخرى تحتلها محظور بموجب القانون الإنساني الدولي، وقد يرقى ذلك إلى جريمة حرب”.
وأضاف كولفيل: “بالنظر إلى المشاهد المثيرة للقلق في الشيخ جراح خلال الأيام الماضية، نود أن نؤكد على أن القدس الشرقية تظل جزءًا من الأرض الفلسطينية المحتلة، ويسري عليها القانون الإنساني الدولي”.