بعد أعوام من العلاقات القوية والاستثمارات والدفاع المستميت من نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإخوان، انقلبت العلاقة بين الطرفين، ليقرر النظام التركي التضحية بالجماعة، لأجل المصالحة مع مصر بعد أعوام من القطيعة، تسببت في عزلة أنقرة دوليا وهروب الاستثمارات العربية ومعاناة بالغة بالبلاد.
ومنذ فبراير الماضي، تركض تركيا سريعا لأجل المصالحة مع مصر، لتطيح بالإخوان وتقيد إعلامهم وقياداتهم، وهو ما ولد مخاوف بالغة من ترحيلهم للسجون وتنفيذ الأحكام القضائية ضدهم، لتتجه الجماعة للبحث عن سبل لتوجيه صفعة لأردوغان أيضا، بعدة طرق ملتوية.
وفي الوقت الذي يستعد فيه النظام التركي لأول زيارة إلى القاهرة، استعدادا لإتمام المصالحة، يجري الإخوان عدة خطط بديلة لإسقاط نظام أردوغان.
التقرب إلى المعارضة التركية، هو إحدى تلك الخطط التي يسعى لها الإخوان بشدة، وفقا لما أكدته مصادر رفيعة، مشيرة إلى تصريح تمل كرم الله أوغلو، رئيس حزب السعادة التركي المعارض، بلقائه مع وفد من جماعة الإخوان بقيادة همام علي يوسف، عضو مجلس شورى الجماعة، وعدد من قيادات الإخوان، الذي لم يتحدث عن تفاصيل اللقاء وسببه وأهدافه.
وأشارت المصادر إلى أن الإخوان تهدف لتوطيد العلاقات مع نظام المعارضة من أجل هز نظام أردوغان وتوجيه صفعة قوية له بعد تراجع الرئيس التركي عن دعمه للجماعة.
وتابعت أن ذلك التعاون بين الإخوان والمعارضة التركية يهدف إلى إسقاط أردوغان وحزبه، والتصدي إلى قرارات الرئيس التركي من شأنها إبعادهم عن البلاد.
وأضافت أنه في الوقت ذاته تستعد الإخوان لتنفيذ عدة سيناريوهات أخرى للإطاحة بنظام أردوغان أو على الأقل هزته بشدة في ظل ارتفاع أصوات المعارضة مؤخرا وتدهور الأوضاع الاقتصادية، من بينها سحب كل الاستثمارات الإخوانية بالبلاد وكشف فضائح النظام وفساده.
وظهر ذلك الخلاف الحاد بين الإخوان ونظام أردوغان، في التصريحات السابقة للقيادي في الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد والهارب لتركيا التي تحدث فيها عن استعداد عدد من أفراد الجماعة واتجاههم للمواجهة، تجنبا لغدر السلطات التركية وأردوغان، وهو ما يوضح وجود تحالف سري بين الإخوان وحزب السعادة التركي التابع للجماعة.
وقال الهارب عاصم عبد الماجد عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: إن “الرئيس التركي يكاد ينفجر غيظا من تصرفات قيادات الإخوان في تركيا، وتحديدا مجموعة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة، التي ترتبط بعلاقات قوية مع حزب السعادة الذي ثبت تحالفه مع أحزاب المعارضة لإسقاط أردوغان في الانتخابات الأخيرة”، موجها تهمة الخيانة لتلك الفئة، والغريب أيضا هو إشادته بموقف أردوغان المزعوم أنه لم يطردهم ولا قلص امتيازاتهم.
وأردف أن الإخوان تحالفوا مع حزب السعادة، ما تسبب في سقوط مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان خلال الانتخابات البلدية، التي جرت عام 2019 في أنقرة وإسطنبول وأزمير وأنطاليا، حيث شارك الحزب في الانتخابات بمرشحين كانت فرصهم في الفوز منعدمة، ما تسبب في تفتيت أصوات الإسلاميين، وإخلاء الساحة لمرشحي المعارضة للتفوق واكتساح الانتخابات.
وبالأمس اتخذ البرلمان التركي خطوة جديدة للتقارب أيضا، حيث أقر، مذكرة بشأن تشكيل لجنة صداقة برلمانية بين البرلمان التركي ونظيريه الليبي والمصري، وجاء التصويت على القرار بالإجماع، وتقدم بذلك المقترح حزب “العدالة والتنمية” الحاكم إلى البرلمان قبل أيام قليلة، لإبداء حسن النية في التعامل مع مصر واستجابة لمطالبها بشأن المصالحة.
وأكد إبراهيم قالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، أن استعادة العلاقات مع مصر سينعكس إيجابًا على الوضع في ليبيا، موضحا مساعي أنقرة للحفاظ على نفوذها فيها، مضيفا أن المحادثات التي ستُجرى بين تركيا ومصر الأسبوع المقبل يمكن أن تسفر عن تعاون متجدد بين البلدين وتساعد في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في ليبيا.
ومنذ فبراير الماضي، تحاول تركيا بكل السبل إعادة العلاقات مع مصر، والتي بدأت بالتودد والمغازلة عبر العديد من التصريحات ثم تقييد أنشطة الإعلام الإخواني بإسطنبول ومنع منح الجنسيات لهم وتهديد قادتهم، لتسارع الزمن من أجل أول زيارة مرتقبة من أنقرة للقاهرة بمايو المقبل.
وتستعد وزارة الخارجية التركية لزيارة مصر مطلع مايو المقبل وإجراء مباحثات موسعة، وفقا لما أدلى به وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمس، مؤكدا أن العلاقات مع مصر تتحسن وتم حل الخلافات في مختلف الملفات، والاتفاق على ضرورة القيام ببعض الخطوات من أجل التقارب بين البلدين.
وشهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترا بالغا وصل لقطيعة دبلوماسية، منذ عزل الشعب للرئيس الإخواني محمد مرسي، في عام 2013، والذي تزعم أنقرة أنه انقلاب، لدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تدينه السلطات المصرية، كونها ثورة شعبية واضحة، متهمة تركيا بدعم جماعة “الإخوان المسلمين” التي أعلنتها القاهرة رسميا “تنظيما إرهابيا”، وفاقم الأوضاع الخلافات بينهم فيما يخص الملف السوري والليبي.