تشهد لبنان أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية ومالية وصحية ضخمة متأججة، وسط عدم قدرة الحكومة على احتواء الأمر، ليتصاعد الغضب الشعبي ضد الدولة، بجانب استياء دولي أيضا.
وأبدى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان غضبه من السياسيين اللبنانيين لتخاذلهم عن مساعدة بلادهم، حيث اتهمهم “بعدم تقديم المساعدة” لبلدهم الذي يواجه مخاطر “الانهيار” ووجود أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
وقال لودريان في حديث صحفي، مساء أمس، “قد أميل للقول بأن المسؤولين السياسيين اللبنانيين لا يساعدون بلدا يواجه مخاطر، جميعهم أيا كانوا”، منددا بتخاذل الطبقة السياسية عن التصدي لخطر “انهيار” البلاد.
وبالتزامن مع ذلك، أوردت قناة “الجديد” أنه عقد لقاء الثلاثاء الماضي بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وعلي حسن خليل ممثل لرئيس مجلس النواب نبيه بري، فور عودته من الإمارات، لمدة ساعة ونصف، بهدف بدء الحوار الذي سيقوده بري من أجل تأليف الحكومة”.
وشهدت لبنان الأسبوع الماضي تظاهرات حاشدة وقطع الطرق من قبل المواطنين في عدة مدن وميادين، احتجاجا على غلاء المعيشة في البلاد، في ظل غياب خيارات الطبقة السياسية وانعدام التوافق بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.
وخرج المواطنون في احتجاجات تحت شعار “اثنين الغضب”، يوم الاثنين الماضي، وتم إغلاق جميع المنافذ المؤدية إلى ساحة الشهداء في وسط بيروت وطريق المدينة الرياضية والشويفات وخلدة بجنوب بيروت.
وشارك في الاحتجاجات مناصرو بعض الأحزاب في التحركات على الأرض، حيث يتهم مسؤولون في السلطة أحزابا منافسة لهم بالوقوف خلف الاحتجاجات.
فيما طالب الرئيس اللبناني ميشال عون، من الأجهزة الأمنية الكشف عن الخطط الموضوعة للإساءة الى البلاد، بعد توارد معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على “ضرب النقد الوطني ومكانة الدولة المالية”.
وقال عون في اجتماع أمني واقتصادي: إنه “إذا كان من حق المواطنين التعبير عن رأيهم بالتظاهر، إلا أن إقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب إلى أعمالهم خصوصاً بعد أسابيع من الإقفال العام”، منبها لخطورة الشعارات التي تمس بوحدة الوطن وإثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها.
كما أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أن هناك من يدفع البلد “نحو الانفجار”، مضيفا أنه يجب أن يكون هناك حسم وحزم في التعامل مع هذه القضية.
وبالتزامن مع ذلك، أعلنت وزارة الاتصالات اللبنانية حجب مواقع إلكترونية كانت تقوم بنشر سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، والذي تخطى فيها سعر صرف الدولار 10 آلاف ليرة، بينما سعره الرسمي 1515 ليرة.
وطالب النائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات مساعدة قضائية أميركية لحجب مواقع إلكترونية تعلن سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، مؤكدا أن هذه المواقع تخالف أحكام قانون النقد اللبناني، وتقوم بمضاربات غير مشروعة بهدف السيطرة على تحديد سعر صرف الليرة وزعزعة الثقة بالمالية العامة للدولة اللبنانية، وإفساد قاعدة العرض والطلب عبر الغش.
لم تقتصر معاناة لبنان على ذلك الجمود السياسي والتدهور الاقتصادي فقط، وإنما تفشت بها أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد أيضا، حيث تم تسجيل إصابات مرتفعة، بلغت 3581 إصابة جديدة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، ليصل إجمالي الإصابات بالفيروس إلى 405 آلاف و391 حالة، بالإضافة إلى أن عدد الوفيات وصل إلى 5180 منذ 21 فبراير من العام الماضي.
وتشهد لبنان منذ منتصف عام 2019 أسوأ أزماتها الاقتصادية التي تسببت في خسارة العملة أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها، وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.