في ظل مساعي التقارب من تركيا لمصر ومغازلتها من أجل المصالحة وكسر عزلتها، تسود حالة من القلق والتوتر بين أفراد جماعة الإخوان المنتشرين بأنقرة، التي احتضنتهم بعد فرارهم من أحكام قضائية بالقاهرة.
ورغم التودد التركي لمصر في عدة تصريحات مؤخرا، إلا أن القاهرة لم ترد على ذلك رسميا حتى الآن؛ وهو ما زاد القلق الإخواني، من احتمالية تضحية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهم، وإعادتهم إلى مصر من أجل إعادة العلاقات.
وبدأ ذلك، منذ أكتوبر الماضي، عبر تصريحات تركية متواترة بشأن لقاءات بين مسؤولين في البلدين لبحث تفاهمات وترتيبات، وحل خلافات عالقة، دون أي تعليق مصري رسمي، حتى في فبراير الماضي، حينما أعلنت وزارة البترول المصرية طرح أول مزايدة عالمية للتنقيب عن البترول والغاز في 24 منطقة تتضمن 9 مناطق للبحث والتنقيب في البحر المتوسط، و12 منطقة في الصحراء الغربية، وثلاث مناطق في خليج السويس، وحددت المناقصة المناطق وفق ترسيم الحدود المعروف، دون أن تتطرق للحدود التي ما زالت محل خلاف بين تركيا واليونان وقبرص، والمتمثلة في الجرف القاري المعروف بماردين 28، وهو ما أشاد به وزير الدفاع التركي خلوصي أكار خلال إشرافه على مناورات “الوطن الأزرق 2021” في بحري المتوسط وإيجة، السبت الماضي، الذي أكد على ثقته بتفعيل القيم المشتركة مع مصر، مثمنا احترام القاهرة لحدود الجرف التركي رغم اتفاقها مع اليونان عام 2020.
وفي ظل التجاهل المصري للمغازلة التركية زاد من مخاوف قيادات وعناصر الإخوان الفارين، الذين يرون أن ذلك نوع من الضغط تمارسه القاهرة لإرغام أنقرة بقبول تسليم الإخوان ووقف الدعم لهم لإتمام المصالحة.
المناقشة سبل النجاة من ذلك، عقدت قيادات الإخوان اجتماعات قبل أيام، في محاولة لاتخاذ قرارات لمواجهة الغدر المحتمل بهم من أردوغان، رغم نفي الحكومة التركية لهم ذلك، وهو ما شككت فيه القيادات الإخوانية.
ومن مخرجات الاجتماع، أنه تم الاتفاق على البحث عن ملاذات أخرى آمنة للعناصر المدانة غير الحاملين للجنسية التركية أو الإقامة المؤقتة سواء للعمل أو الدراسة، حيث تم التواصل مع قيادات التنظيم الدولي في لندن لتوفير تلك الملاذات في بريطانيا وماليزيا وكندا وبعض دول أوروبا.
كما تم الاتفاق على توفير ملاذات آمنة وسريعة للعناصر المدانة والمحكوم عليهم بالإعدام والمؤبد، ومنهم يحيى موسى وعلاء السماحي المقيمان حاليا في كندا، والمتهمان الرئيسان في قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وصدرت أحكام ضدهما بالإعدام.
وسبق أن خالفت أنقرة وعودها للإخوان، وسلمت لمصر الشاب محمد عبدالحفيظ حسين، المدان بالإعدام في قضية اغتيال النائب العام، وحاولت الحكومة التركية تدارك ذلك عبر منح زوجته وأطفاله الجنسية التركية، وهو ما ندد به يحيى موسى المخطط الرئيسي للعملية، عبر صفحته على مواقع التواصل، حيث كتب: “ما زلت لا أتوقع خطوات حاسمة في التقارب المصري التركي، ولا شيء مستبعد في ظل التعقيدات الإقليمية الحالية، وإن حدث فلكل مصالحه وحساباته ولا يصح تعليق أزمتنا على أحد أيا كان، مرت سبع سنوات ولم ولن يغير أحد واقعنا نيابة عنا، الأرض لله، وله الخلق والأمر وليكن ما يكون، فلا داعي للفزع”.
لم يسود القلق بين جميع قيادات الإخوان من المصالحة التركية مع مصر، حيث إن غالبيتهم حصل على الجنسية التركية والإقامة، وأصبحوا أساتذة جامعات وإعلاميين، وبالتالي فإن تسليمهم لمصر أمر صعب.
ولذلك من المرجح أن تجري السلطات التركية اتفاقا مع الإخوان، لإثبات حسن نواياها وتحقيق المصالحة، عبر تسليم العناصر الإخوانية الهامشية كقربان لمصر، حيث إن عددهم أقل من 300 عنصر، من الذين يشكلون عبئا على الجماعة وتركيا.
المثير للجدل هو أن الإخوان قررت تخفيف حدة الخطاب الموجه من منصاتها الإعلامية والفضائية في إسطنبول تجاه القاهرة، وعدم مهاجمة القيادات المصرية، ونقل الهجوم إلى منصات تابعة للجماعة تبث من دول أخرى، لحين المصالحة.