لم يقتصر تهديد ميليشيات الحوثي على اليمن وشعبها الذي يعاني أسوأ كارثة إنسانية بالعالم حاليا، ولكنه يهدد البيئة البحرية أيضا والطبيعة أيضا، من خلال سفينة النفط “صافر” التي تحتجزها بالبحر الأحمر، لابتزاز المجتمع الدولي، ومنعت للمرة الرابعة فريق الأمم المتحدة عن صيانتها.
وتعتبر “صافر”، الراسية قبالة ميناء رأس عيسى بمدينة الحديدة، التي يتجاوز عمرها أكثر من 45 عاما، بمثابة “قنبلة إيرانية موقوتة” في البحر الأحمر، حيث يعرقل الحوثيون منذ مارس 2018 وصول فريق الأمم المتحدة بطلب من الحكومة اليمنية لصيانتها خوفا من حدوث أكبر كارثة بيئية.
وتعتبر ناقلة النفط منصة تخزين عائمة بالنسبة للحوثيين، محمّلة بنحو 1,1 مليون برميل من النفط الخام يقدّر ثمنها بحوالي 40 مليون دولار، والتي لم تخضع لأي صيانة منذ 2015؛ ما تسبب في تآكل هيكلها وتدهور وضعها، خاصة بعد تسرب مياه إلى غرفة المحرك قبل أشهر، ما يجعلها مهدّدة بالانفجار أو الانشطار في أي وقت.
وفي فبراير الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن الحوثيين نصحتها بوقف الاستعدادات لإرسال فريق لتقييم وضع الناقلة صافر، حيث كان فريق المراقبين الدوليين يستعد للسفر أوائل مارس الجاري إلى اليمن للكشف على الناقلة النفطية.
وقبل ساعات، وجهت الحكومة اليمنية اتهامات لميليشيا الحوثي المدعومة من إيران بعرقلة اتفاق يتيح وصول الفريق الفني التابع للأمم المتحدة ومباشرة مهمة تقييم وصيانة ناقلة النفط صافر، للمرة الرابعة؛ ما يهدد بكارثة بيئية محتملة.
وأعلن وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة معمر الإرياني أن ميليشيا الحوثي تراوغ وتتلاعب بملف ناقلة النفط صافر وتضع المزيد من العقبات والعراقيل، مضيفا أن الميليشيا تتخذ ناقلة النفط صافر قنبلة موقوتة لابتزاز المجتمع الدولي في سبيل تحقيق مكاسب سياسية ومادية دون اكتراث بالعواقب الخطيرة الناجمة عن تسرب أو غرق أو انفجار الناقلة، والذي يضع اليمن والمنطقة والعالم برمته أمام كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية وشيكة وغير مسبوقة.
وتابع: إن الحوثي يتخذ من صافر أداة للضغط والابتزاز والمساومة في مواجهة الحكومة الشرعية والإقليم والعالم، دون اهتمام بحياة اليمنيين ومصالح اليمن، ولا العواقب الكارثية التي ستمتد لعقود قادمة متسائلا عما إذا كان المجتمع الدولي يدرك ذلك.
وسبق أن وجهت الحكومة اليمنية تحذيرات مهمة من مخاطر متزايدة إثر تآكل “قنبلة صافر” النفطية، حيث إن تسرب مياه البحر إلى حجرة محركها، وظهور بقعة نفطية في سبتمبر الماضي على مسافة 50 كيلو إلى الغرب ثم تحركها من مكانها، تعد تهديدات متزايدة.
واعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يحمل ميليشيا الحوثي مسؤولية الكارثة البيئية والاقتصادية التي ستنتج في حال تسرب النفط من الناقلة صافر الراسية قبالة سواحل محافظة الحديدة، وعدم الاستجابة للتحذيرات من العواقب الوخيمة أو السماح لفريق الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة وإجراء المعالجات اللازمة.
وبحسب التقديرات العالمية، فإنه في حالة وقوع التسرب النفطي، سيحتاج اليمن إلى معالجة أضرار كارثة تلوث بحري لفترة تزيد عن 30 سنة قادمة، حيث إن 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي وستخسر موائلها الطبيعية، وفقدان 126 ألف صياد يمني مصدر دخله بمناطق الصيد اليدوي، وتوقف 148 جمعية سمكية تعاونية للصيادين اليمنيين عن العمل.
كما سيتعرض 850 ألف طن من المخزون السمكي الموجود في المياه اليمنية لتهديد النفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، ومقتل 969 نوعا من الأسماك في المياه اليمنية بسبب بقع النفط الخام المتسربة، واختفاء 300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي من المياه اليمنية، و139 نوعا من العوالق الحيوانية.