بعد تولي الإدارة الأميركية الجديدة لجو بايدن مقاليد البيت الأبيض، تعتبر العلاقات بين واشنطن وطهران مثيرة للتساؤل والاهتمام، خاصة في ظل الصراع لإنهاء الحرب في اليمن المستمرة منذ 6 أعوام.
ومنذ وصول بايدن للحكم، ظهرت مساعٍ أميركية للعب دور أكثر فاعلية في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن ، وهو ما تحدث عنه صراحة الرئيس الأميركي مسبقا كما عين تيموثي ليندركينغ، نائب مساعد وزير الخارجية السابق، مبعوثًا خاصًا له إلى اليمن، لكن لم يتبين حتى الآن سبل الولايات المتحدة من دفع ميليشيات أنصار الله المدعومة من إيران، والمعروفة باسم الحوثيين، للدخول في اتفاق سلام، الذي يعتبر تحديا ضخما لبايدن، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفثس.
وقال معهد كارنيغي للدراسات، في أحدث تقاريره: إن أولوية الحوثيين حاليا هي جني المزيد من المكاسب، وليس الانخراط في صفقات تقاسم السلطة، خاصة أن رغبتهم لصنع السلام ليست سوى خطوة تكتيكية.
وأضاف المركز أن الحوثيين استفادوا من تغييرات السياسة الأميركية بثلاثة طرق، أولهم هو أن ما يحدث انتصار لهم من خلال تقويض مصالح خصومهم الرئيسيين، والثاني هو الاستفادة من الدبلوماسية المرافقة للولايات المتحدة، لاسيما بعد التراجع عن تصنيف واشنطن للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، لعدم إعاقة مهمة المبعوث الأميركي الخاص.
أما الاستفادة الثالثة فهي تتمثل في اتجاه الحوثيين بتسريع وتيرة الحرب لاستغلال تعليق الدعم الجوي الأميركي، ما سيولد حافزا للتغلغل في الداخل اليمني، والسماح بالمناطق المتاخمة، التي تنتشر بها الميليشيات، من الساحل الغربي لليمن ومأرب والجوف وشبوة، بينما تكثف حاليا هجماتها على مأرب.
كما أشار إلى وجود عدة تحديات رئيسية للوصول إلى اتفاق سلام، على رأسها أنه ليس لدى الحوثيين دافع للانخراط في العملية السياسية وتقاسم السلطة مع الأحزاب اليمنية الأخرى، كونهم يسيطرون اليوم على معظم المناطق في شمال اليمن، فضلا عن تقديم أنفسهم على أنهم الممثلون الوحيدون للبلاد، ورغبتهم في الاستمرار بممارسة دور مهيمن في الشؤون اليمنية الداخلية.
وثاني التحديات التي وضعها المركز للوصول إلى السلام باليمن، هو الانقسام الذي يعاني منه خصوم الحوثيين في البلاد، حيث يعملون كثيرا لأهداف متعارضة، ما تسبب في إضعاف بالغ للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وبالتالي لم يكن لدى الحوثيين أي سبب لقبول الاتفاقيات التي وقعوا عليها في الماضي، مثل اتفاقية السلام والشراكة الوطنية في سبتمبر 2014، بينما تعزز نهج الحوثيين من خلال القناعة الأيديولوجية بضرورة إعادة تأسيس الإمامة الزيدية بعد استبدالها عام 1962.
وأشار إلى أن التحدي الآخر هو القدرات العسكرية المتزايدة للحوثي، ما يجعله يبتعد عن الحلول الوسط للتسوية، حيث استولى على مخزون الجيش اليمني في نهاية عام 2014، فضلا عن تزويد إيران لهم بأسلحة متطورة بالتوازي مع قدرتهم على التجنيد على نطاق واسع في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وفي الوقت نفسه، توجد مشكلة هيكلية في حركة الحوثيين وهي أنهم يعتبرون أنفسهم كيانًا عسكريًا وليس حركة سياسية، ما يكشف عن قناعتهم بأن الأسلحة تحقق مكاسب أكبر من المفاوضات، بالإضافة إلى أن أولئك الذين يريدون دفع الحوثيين إلى محادثات السلام لديهم وسائل قليلة للضغط لتنفيذ ذلك، وفقا للمركز.
ولفت إلى أن الحوثي لا يبالي بالعقوبات أو الانتقادات الدولية، كونهم كيانًا غير حكومي، بينما يحاول المبعوث الأممي الخاص التحدث إلى المسؤولين الإيرانيين والاستفادة من نفوذهم مع الحوثيين، ولكن طهران نفسها لديها مصالحها للتوسع في اليمن والمنطقة.
ومهمة إقناع الحوثيين بالتخلي عن مسارهم العسكري والتفاوض على حل سياسي، بالجهود المبذولة لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي.
وشدد كارينغي على أهمية الجناح الإيراني في حركة الحوثيين الذي أصبح هو المهيمن بشكل متزايد في السنوات الثلاث الماضية، مضيفا أنه بات من المؤكد أن أي حل في اليمن سيكون مرتبطاً بأجندات إيران في المنطقة.