منذ أبريل 2020، وتولي مصطفى الكاظمي، المفاوض البارز واللاعب الماكر العراقي لمنصب رئاسة الحكومة بالبلاد، بعد أن كان يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات العراقية، حرص على تخليص بلاده من براثن الإرهاب والميليشيات المسلحة.
يعتبر الكاظمي أحد أهم إفرازات الحركة الاحتجاجية لمظاهرات أكتوبر، وهو من الساسة المخضرمين بالعراق، حيث حصل على درجة البكالوريوس في القانون، والماجستير في القانون الدولي العام من الولايات المتحدة الأميركية عام 2010، وعقب ذلك انخرط في العمل السياسي، حيث كان معارضا لنظام صدام حسين، ثم تم نفيه لخارج البلاد عدة سنوات، وبعد عودته اتجه للعمل في مجال الإعلام؛ حيث تولى فيه منصب مدير تحرير لقسم العراق بموقع المونيتور الأميركي، وعُرف بكتاباته التحليلية المعتدلة، التي أكد فيها ضرورة احتضان العراق لجميع الانتماءات الطائفية والقومية والسياسية، وأهمية السلم الاجتماعي، وتعرض أيضا لإخفاقات نظام صدام حسين.
وانخرط في علاقات قوية مع القوى الشيعية والسنية والكردية والسياسية، لذلك امتلك مكانة مهمة كوسيط سياسي بين الأطراف العراقية المختلفة بالأزمات المتلاحقة.
تلك العلاقات السياسية المتنوعة، منحت الكاظمي قوة بالغة بالبلاد، كما لم يظهر في أي ممارسات طائفية أو ينضم لحزب سياسي، وعمل لأكثر من 16 عاما في مجال حل النزاعات لصالح العراق، لذلك ترأس جهاز المخابرات الوطني العراقي في 7 يونيو 2016، حيث أكد مساعيه لإصلاحه بالتركيز على إخراج السياسة من العمل المخابراتي، وإنهاء هيمنة الأحزاب على أنشطته.
وهو ما ساعده في أن يصبح رجل العراق القوي ويوجه بالوقوف بقوة أمام الميليشيات المسلحة بالبلاد وتطوير بلاده، حيث أكد في تصريحاته عقب الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف وسط بغداد، أن “معركتنا ضد الإرهاب مستمرة وطويلة الأمد، وأنه لا تراجع ولا تهاون في محاربته والنيل من بقاياه في كل شبر من أرض العراق”، مضيفاً “لقد وضعنا كل إمكانات الدولة وجهود قطعاتنا الأمنية والاستخبارية، في حالة استنفار قصوى، للاقتصاص من المخططين لهذا الهجوم الجبان وكل داعم لهم”.
وتمثلت مهمة الكاظمي في ترميم الدولة من الفساد والتخريب وهدر الأموال وإعادة هيبتها، حيث تعهد بحصر السلاح بيد الدولة واستعادة سطوة القانون، والاستعداد للانتخابات المبكرة وإيجاد حلول عاجلة للأزمة الاقتصادية.
ومع تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي دخل معها العراق منعطفا مهما في مواجهة الميليشيات وأهداف إيران بأن تكون دولة داخل الدولة العراقية وتحويل البلاد إلى ساحة مواجهة مع أميركا، لذلك سرعان ما وجه ضربات حاسمة للجماعات المسلحة، منها اعتقال جهاز مكافحة الإرهاب العراقي 13 عنصرا من كتائب حزب الله في جنوب بغداد.
كما شكل قيادة العمليات المشتركة، وأعاد لجهاز مكافحة الإرهاب الضابط المحترف عبدالوهاب الساعدي الذي أزاحه عادل عبدالمهدي؛ ما أعاد للمؤسسة العسكرية قوتها، بهدف السيطرة على الميليشيات المذهبية وتقليص دورها.
وخاض أيضا مواجهة مباشرة مع فصائل مدعومة من إيران متهمة بتنفيذ هجمات “الكاتيوشا” على المنطقة الرئاسية المحصنة ببغداد، ثم وجه بتحرك حكومي عسكري في الـ11 من يوليو الماضي، لاسترداد المنافذ الحدودية جنوب وشرق العراق من سطوة الميليشيات المسلحة، والتي سميت بحرب “الأشباح”.