ذات صلة

جمع

كلمة الفصل.. هل يخرج الليبيون في “انتفاضة كبرى” لفرض الانتخابات؟

تعيش ليبيا اليوم على فوهة بركان سياسي واجتماعي قد...

انتفاضة الصناديق.. هل انتهت حجة “نقص التمويل” أمام الاستحقاق الليبي؟

تظل المعضلة الليبية تراوح مكانها بين أروقة السياسة الدولية...

مافيا السيولة.. كيف تحولت الصكوك المصرفية في ليبيا إلى رماد لإخفاء ثقوب الميزانية؟

في مشهدٍ يعكس ذروة التحلل الإداري والمالي، استيقظ الشارع...

البرهان والوعود الزائفة.. كيف استنزفت طموحات العسكر ثروات الشعب السوداني؟

لطالما كان السودان يُعرف بلقب "سلة غذاء العالم"، لكن...

سقوط القناع الأخلاقي.. كيف تحول الإخوان إلى عبء على القضية الفلسطينية؟

تعد القضية الفلسطينية تاريخيًا هي “الترمومتر” الذي تقيس به الشعوب العربية صدق التيارات السياسية، إلا أن العقد الأخير كشف عن تحولات دراماتيكية في موقف جماعة الإخوان المسلمين، حيث ترى مصادر أن الجماعة انتقلت من مرحلة “المتاجرة بالشعارات” إلى مرحلة التحول لـ عبء سياسي وأخلاقي يثقل كاهل القضية الفلسطينية ويعيق مسارها العادل في المحافل الدولية.

المتاجرة بالقضية

ولطالما اعتمدت جماعة الإخوان على القضية الفلسطينية كخزان استراتيجي للحشد العاطفي وجمع التبرعات وتجنيد الشباب تحت شعارات براقة، ومع ذلك، أثبتت الوقائع التاريخية أن هذا الاهتمام لم يكن موجهًا لتحرير الأرض بقدر ما كان يهدف لتعزيز نفوذ الجماعة التنظيمي.

وقالت مصاد: إن المتأمل في مسيرة الجماعة يجد أن فلسطين بالنسبة لهم ليست “وطنًا يسعى للتحرر”، بل “ورقة ضغط” يتم توظيفها لابتزاز الأنظمة العربية وتحقيق مكاسب حزبية ضيقة، هذا الاستغلال الممنهج أدى إلى خلق حالة من التشكيك الشعبي في النوايا الحقيقية للجماعة؛ مما أضعف الزخم الشعبي الصادق تجاه القضية نتيجة ربطها بأجندات تنظيمية مشبوهة.

ازدواجية الخطاب

وتتجلى خطورة دور الإخوان في “ازدواجية الخطاب”؛ فبينما يتم تصدير خطاب ثوري متشدد للقواعد الشعبية، تمارس القيادات براغماتية مفرطة خلف الكواليس. لقد تسببت سياسات الجماعة في إحداث شرخ عميق في الصف الفلسطيني الداخلي، حيث ساهمت في تعزيز الانقسام الذي يعد الخنجر الأكبر في ظهر حلم الدولة الفلسطينية، وبدلاً من العمل على وحدة الكلمة، سعت الجماعة لتمكين فصيلها على حساب المصلحة الوطنية العليا، مما حول غزة إلى ساحة لتنفيذ أجندات إقليمية لا تخدم سوى بقاء التنظيم، وهو ما جعل القضية الفلسطينية رهينة لقرارات تُتخذ في عواصم بعيدة عن القدس ورام الله.

الإخوان والارتهان للخارج

كما أن أحد أكثر الجوانب قتامة في ملف الإخوان والقضية الفلسطينية هو ارتهان قرارهم لمحاور إقليمية تستخدم القضية “كارت إرهاب” أو “أداة مقايضة” في ملفات دولية أخرى، هذا الارتهان نزع عن التحرك الفلسطيني صبغته الوطنية الخالصة وألبسه ثوب التبعية، مما منح الخصوم ذريعة لتصوير النضال الفلسطيني كجزء من صراع نفوذ إقليمي وليس كحركة تحرر وطني مشروعة.

لقد تحول الإخوان بفعل هذا الارتهان إلى حائط صد يمنع التوافق العربي الشامل، حيث تسببت مواقفهم المتذبذبة في إحراج حلفاء القضية التقليديين وتشتيت الجهود الدبلوماسية العربية في المحافل الدولية.

التداعيات الكارثية على الدعم الدولي

وأكدت المصادر، أنه على الصعيد الدولي، تسبب ربط اسم القضية الفلسطينية بأيديولوجية الإخوان المسلمين في أضرار بالغة؛ حيث نجحت الآلة الإعلامية المضادة في استغلال هذا الربط لتصنيف حركات المقاومة كأذرع لتنظيمات متطرفة، مما أدى إلى تراجع التعاطف الغربي في دوائر صنع القرار.

وأوضحت، أن الإصرار الإخواني على صبغ القضية بصبغة “أممية إسلاموية” بدلاً من “حقوقية وطنية” أعطى الذريعة لتهميش المطالب الفلسطينية المشروعة ووضعها في سلة “الإرهاب الدولي”، وهو ما يعد سقطة استراتيجية كبرى يتحمل التنظيم مسؤوليتها التاريخية.

فقدان المصداقية الشعبية وسقوط الأقنعة

مع مرور الوقت، بدأت الشعوب العربية تدرك أن “بوصلة الإخوان” لا تتجه نحو القدس إلا إذا كان الطريق يمر عبر كراسي الحكم.

لقد كشفت أحداث “الربيع العربي” وما تلاها أن الجماعة مستعدة للتضحية بالثوابت الفلسطينية مقابل اعتراف دولي بوجودهم السياسي، أو مقابل صفقات تضمن بقاء التنظيم، هذا السقوط الأخلاقي أحدث فجوة بين القواعد الشبابية والقيادات، حيث اكتشف الكثيرون أن الشعارات التي رُفعت لعقود لم تكن سوى أدوات للتخدير العاطفي، بينما كانت الأفعال على الأرض تسير في اتجاه تقويض الدولة الوطنية العربية التي تمثل السند الحقيقي لفلسطين.

ضرورة تحرير القضية من عباءة التنظيم

إن تحول الإخوان إلى عبء على القضية الفلسطينية يتطلب وقفة جادة من النخب الفكرية والسياسية لتصحيح المسار، وأن استعادة زخم القضية الفلسطينية يبدأ من فك الارتباط بين عدالة المطالب الفلسطينية وبين الأجندات الحزبية للجماعة.

واختتمت المصادر، أن فلسطين بحاجة إلى رؤية وطنية جامعة تتجاوز ضيق الأفق التنظيمي، وتحمي نضال الشعب الفلسطيني من أن يظل وقودًا لمعارك جماعة سقط قناعها الأخلاقي بعد أن ثبت تقديمها لمصلحة التنظيم على مصلحة الوطن والمقدسات.