شهد شهر ديسمبر 2025 حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا، كان أبرزه المبادرة التي أطلقها الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد، والتي دعت إلى عقد مؤتمر وطني شامل يضم كافة الأطراف اليمنية “|الحوثيون، المجلس الانتقالي الجنوبي، مجلس القيادة الرئاسي، والقوى القبلية”.
ويهدف هذا المؤتمر، الذي يحظى بدعم مبدئي من دول مجلس التعاون الخليجي، إلى وضع حد نهائي للحرب من خلال استعادة السيادة الوطنية وتشكيل حكومة اتحادية وجيش وطني موحد وإنهاء التدخلات الأجنبية، وبشكل خاص تقليص دور إيران الذي حول اليمن إلى “خنجر” في خاصرة الأمن العربي وتثبيت الأمن البحري لضمان سلامة الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر، وهي القضية التي أصبحت أولوية عالمية في 2025.
تفكيك المخطط الإيراني: هل ينجح الضغط الدولي؟
ولطالما كان اليمن حجر الزاوية في المخطط الإيراني للهيمنة على الممرات المائية الدولية ومحاصرة دول الخليج/ ومن خلال تزويد الحوثيين بتكنولوجيا الصواريخ والمسيرات، استطاعت طهران تحويل الجماعة من فصيل محلي إلى تهديد عابر للحدود.
إلا أن عام 2025 حمل مؤشرات على انحسار هذا المخطط نتيجة عدة عوامل العقوبات والضغوط الاقتصادية، حيث تواجه إيران أزمات داخلية خانقة جعلت من استمرار تمويل وكلائها في اليمن عبئًا ثقيلاً والتصنيف الإرهابي و إعادة إدراج جماعة الحوثي ضمن قوائم الإرهاب الدولية حدّ من قدرتها على المناورة المالية والسياسية والضربات النوعية حيث استهدفت عمليات دولية “أمريكية وإسرائيلية” خلال 2025 مراكز التصنيع والتمويل الحوثية، مما أضعف القوة الهجومية للجماعة.
الميليشيات الحوثية أمام خيارين: السلام أو العزلة المطلقة
وقالت مصادر: إن الميليشيات الحوثية تجد نفسها اليوم في “ميزان” المفاوضات الشاملة، فبينما تحاول الجماعة استثمار حالة “التهدئة الإقليمية” لانتزاع اعتراف واقعي بسلطتها، يصطدم هذا الطموح برفض شعبي ودولي واسع لبقاء “دويلة داخل الدولة”.
وتؤكد تقارير عام 2025 أن الحوثيين يواجهون سخطًا داخليًا متزايدًا في مناطق سيطرتهم بسبب القمع الاقتصادي وتدهور الخدمات، مما يجعل مشاركتهم في المؤتمر الشامل ضرورة للبقاء، ولكن بشرط تخلي طهران عن استخدامهم كـ “ورقة تفاوض”، والخيار المطروح في أروقة المؤتمر هو الاندماج في العملية السياسية كحزب مدني مقابل نزع السلاح الكامل.
استعادة دولة الجنوب: الرقم الصعب في معادلة الاستقرار
ولا يمكن الحديث عن استقرار اليمن دون معالجة “قضية الجنوب”، ففي ديسمبر 2025، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة نظامية وسياسية لا يمكن تجاوزها، خاصة بعد نجاحه في تأمين محافظات حضرموت والمهرة.
وأوضحت مصادر، أن رؤية “المؤتمر الشامل” للحل تتجه نحو نظام اتحادي يضمن للجنوبيين حقهم في إدارة مواردهم وتقرير مصيرهم، وهو ما تراه المصادر الضمانة الوحيدة لمنع تجدد الحروب الأهلية. إن الاعتراف بالانتقالي كشريك سياسي فاعل هو الكفيل بقطع الطريق على محاولات الحوثيين للتمدد جنوبًا.
توقعات 2026..هل يتحقق “اليمن السعيد”؟
مع اقتراب عام 2026، تتجه الأنظار نحو نتائج هذا المؤتمر المرتقب، وإذا صدقت النوايا الإقليمية والدولية، فإن اليمن موعود بمرحلة “إعادة إعمار” كبرى بدعم خليجي، شرط أن يقترن ذلك بـخروج الخبراء الإيرانيين وتفكيك شبكات التهريب وتوحيد القرار العسكري تحت قيادة وزارة الدفاع وإجراء انتخابات وطنية تعيد الشرعية لصناديق الاقتراع لا لفوهات المدافع.
إن وضع اليمن في ميزان المؤتمر الشامل هو الاختبار الحقيقي لقدرة المجتمع الدولي على إنهاء سطوة الميليشيات وتفكيك المخططات التوسعية، فإما أن ينتصر منطق الدولة والتعايش، أو يظل اليمن ساحة لتصفية الحسابات الدولية، لكن الحقيقة الثابتة في نهاية 2025 هي أن “زمن التفويض المفتوح” للميليشيات قد انتهى، وبدأ زمن المحاسبة والحلول الجذرية.

