ذات صلة

جمع

خارطة طريق.. ما هو الدور المطلوب من الجهات الدولية الراعية لعملية السلام اليمنية؟

بينما تدخل الأزمة اليمنية عامها العاشر دون انفراجة نهائية،...

وهم النصر.. كيف يدفع رفض الجيش للمفاوضات بالمدنيين ثمنًا باهظًا في الخرطوم وأم درمان؟

في وقت تتصاعد فيه نيران الحرب السودانية بلا هوادة، يزداد المشهد في الخرطوم وأم درمان قتامةً مع كل يوم جديد من القتال، وبينما تصوغ السلطات العسكرية خطابًا يقوم على الحسم والنصر الوشيك، يبدو أن هذا النصر مجرد وهم يدفع المدنيون ثمنه الأكبر، وسط انهيار الخدمات، اتساع رقعة الدمار، وتراجع فرص أي حل سياسي قريب.

المدنيون.. الخسارة الأكبر في معركة مفتوحة

وقالت مصادر: إن مئات الآلاف من المدنيين في الخرطوم وأم درمان يعيشون وسط ظروف كارثية منها انعدام الخدمات الصحية، شح الغذاء، وإغلاق الطرق، إضافة إلى القصف المتبادل الذي لا يميز بين هدف عسكري ومبنى سكني.

ويؤكد سكان محليون، أن كثيرًا من الأسر أصبحت تلجأ للسير على الأقدام لمسافات طويلة للهروب من مناطق الاشتباكات، بينما يواجه المرضى وكبار السن صعوبات بالغة في الحصول على الرعاية الطبية، ورغم الدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار الإنساني، لم تهدأ وتيرة القتال بما يسمح بإدخال مساعدات أو إجلاء آمن للسكان.

معركة طويلة بلا أفق

فمنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تراهن القيادة العامة للجيش على أن دعمًا واسعًا من القوى التقليدية، إضافةً إلى موقعها في خارطة النفوذ الإقليمي، يمنحها قدرة على الصمود حتى تحقيق النصر، إلا أن هذا الرهان يبدو بعيدًا عن الواقع الميداني، مع استمرار الدعم السريع في السيطرة على غالبية الأحياء السكنية ومواقع ذات أهمية استراتيجية داخل العاصمة.

وترى مصادر، أن رفض الجيش التفاوض ليس خيارًا تكتيكيًا فقط، بل جزء من عقلية سياسية ترى أن الدخول في مفاوضات الآن يعني الاعتراف بوجود قوة موازية على الأرض، لكن هذه الرؤية بحسب المصادر تتجاهل حقيقة أن كلفة الاستمرار في الحرب باتت أكبر بكثير من أي مكسب سياسي محتمل، فضلًا عن أن النصر الكامل لم يعد خيارًا قابلًا للتحقيق بعد مرور أكثر من عام ونصف من المعارك التي استنزفت الطرفين.

وأشارت المصادر، أن العاصمة السودانية تعيش حالة انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة، ما يجعل حياة المدنيين مرهونة بميزاجية القوى المسلحة المسيطرة على المناطق المختلفة، ورغم إعلان الجيش عن عمليات عسكرية ضد مواقع الدعم السريع في أم درمان والخرطوم بحري، إلا أن هذه العمليات غالبًا ما تُترجم إلى تصعيد في القصف المدفعي والجوي داخل الأحياء المكتظة بالسكان.

كيف تتآكل فرص الحل وتنهار العاصمة؟

ووفق المصادر، تظهر قراءة الواقع الميداني أن رفض الجيش للمفاوضات لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب داخل المناطق السكنية التي لا تحتمل المزيد من الدمار، فكل يوم يمر يشهد خسائر جديدة في الأرواح، وانهيارًا أكبر للخدمات، وتوسّعًا في رقعة النزوح.

وتحذر المصادر من أن استمرار الجيش في هذا النهج سيجعل الخرطوم وأم درمان ساحة حرب مفتوحة لسنوات، كما قد يفاقم الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية نفسها التي تواجه ضغوطًا لوجستية متزايدة.

يذكر، وفق رؤية المصادر، أنه في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لوقف القتال، تبقى الخرطوم وأم درمان رهينتين لصراع طويل قد يمتد سنوات، إلا إذا فرضت الكارثة الإنسانية واقعًا جديدًا يجبر الأطراف على الجلوس حول طاولة واحدة.