مع استمرار الصراع في قطاع غزة وتزايد الضغوط الدولية لإنهاء الأعمال القتالية، باتت مرحلة ما بعد الحرب هي الشغل الشاغل للعواصم الكبرى، وخاصة واشنطن والدول العربية الفاعلة.
وكشفت مصادر، أن الكواليس الدولية تدور حاليًا حول خطة طموحة ومعقدة تستهدف إحداث تحول جذري في المشهد السياسي والأمني والإداري للقطاع، عبر تشكيل سلطة جديدة في غزة تتمتع بالشرعية الدولية والدعم الإقليمي، هذه الخطة تستند إلى أجندة دولية واضحة المعالم، تسعى لملء فراغ القوة وتجنب عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
ما هي الأهداف الدولية؟
وأكدت المصادر، أن الأجندة الدولية تنطلق من مبدأين أساسيين منها رفض بقاء الوضع الأمني والإداري على ما كان عليه قبل أكتوبر 2023، وضمان أن غزة لن تشكل تهديدًا أمنيًا لأي طرف مستقبلاً.
وأوضحت، أنه يُعد المدخل الرئيسي لخطة ما بعد الحرب هو إعادة تفعيل وتوحيد السلطة الفلسطينية، بحيث تتولى إدارة القطاع والضفة الغربية معًا، وتتطلب هذه العملية الدعوة إلى تشكيل حكومة فلسطينية مصغرة من خبراء غير فصائليين، يكون لديها تفويض واضح بإدارة شؤون غزة، والإشراف على المعابر، وتنسيق المساعدات الدولية و العمل على إنهاء الانقسام الجغرافي والإداري لغزة عن الضفة الغربية، عبر سلطة مركزية واحدة تدعمها الجهود الدولية.
وهناك تركيز على اختيار شخصيات فلسطينية مستقلة أو ذات خبرة دولية، تكون بعيدة عن التجاذبات الداخلية وتتمتع بعلاقات جيدة مع الدول العربية والمانحة، لتقود مرحلة الانتقال، كما أن الأمن في غزة بعد الحرب هو النقطة الأكثر حساسية، حيث ترفض الأطراف العربية الرئيسية أي احتلال إسرائيلي دائم أو إعادة إدارة إسرائيلية للقطاع، بينما ترفض إسرائيل عودة الفصائل المسلحة.
الخطة الدولية تستكشف آليات أمنية معقدة، وطرح مشاركة قوات أمنية من دول عربية مثل مصر والإمارات والسعودية والأردن لفترة انتقالية محدودة، مهمتها حماية المعابر وتأمين إيصال المساعدات والتدريب، وليس القتال وإعادة تدريب وتجهيز الأجهزة الأمنية الفلسطينية غير الفصائلية لتولي المسؤولية الأمنية الداخلية تدريجيًا، بدعم فني ولوجستي دولي.
ما هو الدور الإقليمي والدعم العربي المشروط؟
ووفق المصادر، تعتبر الدول العربية، وخاصة دول الاعتدال، عنصرًا حيويًا في أي خطة ما بعد الحرب، لكن دعمها يأتي مشروطاً بوضوح، حيث تشترط الدول العربية عدم العودة إلى الاحتلال الإسرائيلي المباشر للقطاع، وضرورة أن يكون المسار السياسي برمته جزءًا من حل شامل للقضية الفلسطينية حل الدولتين، ويُعد التمويل الدولي لإعادة الإعمار، الذي يُقدر بمليارات الدولارات، مرهونًا بالاستقرار،ـ وستكون الدول العربية المانح الرئيسي والضامن لعدم انهيار السلطة الجديدة في غزة اقتصاديًا، وتصر الأطراف الإقليمية على أن إدارة غزة يجب أن تكون خطوة أولى نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وليس مجرد ترتيب أمني مؤقت.
التحديات الكبرى
على الرغم من وضوح الأجندة الدولية، إلا أنها تواجه تحديين رئيسيين قد يؤديان إلى فشل خطة ما بعد الحرب منها الرفض الإسرائيلي لحل الدولتين، والتحدي الفصائلي الداخلي، حيث يُشكل الفصيل الحاكم في غزة تحديًا داخليًا ضخمًا، حيث أن تفكيك البنية الإدارية والعسكرية لهذا الفصيل، وتمرير السلطة الجديدة بسلاسة، يتطلب إما هزيمة عسكرية كاملة تضمن عدم عودة الفصيل أو اتفاقًا سياسيًا صعبًا جدًا بين الفصائل الفلسطينية تحت مظلة عربية، وفي حال غياب اتفاق داخلي، ستكون السلطة الجديدة في غزة عرضة للاستهداف والانهيار.

