تصاعد التوتر بين الشيشان وأوكرانيا بعد الهجوم الذي استهدف أحد أبراج مجمع “جروزني سيتي”، أحد المعالم البارزة في العاصمة الشيشانية.
ومع تضرر واجهة المبنى نتيجة ضربة نفذتها طائرة مسيرة، دخل المشهد مرحلة أكثر حدة بعدما لوح رمضان قديروف بالرد عبر عمليات تستهدف مواقع عسكرية داخل الأراضي الأوكرانية، في خطوة تحمل رسائل سياسية وعسكرية تتجاوز حدود الرد الرمزي.
رمزية الضربة.. وموقع غروزني في الحسابات الروسية
الهجوم على مبنى شاهق في قلب غروزني لم يحدث خسائر بشرية، لكنه أحدث صدى واسعًا نظرًا لكونه يقع في منطقة تعد رمزًا لعودة الاستقرار إلى الشيشان بعد عقود من الاضطراب.
فمجمع “جروزني سيتي” ليس مجرد مجموعة أبراج حديثة، بل واجهة سياسية تبرز قدرة موسكو على تثبيت الأمن وإعادة إعمار الإقليم. وبالتالي، فإن استهدافه يحمل في طياته تحديًا مباشرًا للنموذج الأمني الذي يقدمه قديروف، ويضعه أمام لحظة اختبار تتطلب إظهار رد فعل قوي.
وبالنسبة لروسيا، يشكل هذا النوع من الهجمات امتدادًا لنزاع أوسع تتداخل فيه الجغرافيا بالدعاية السياسية، وتتحول فيه كل ضربة إلى جزء من معركة إثبات النفوذ والقدرة على الردع.
ردوع قديروف.. بين الرسالة الداخلية والرد الخارجي
لغة الرد التي طرحها قديروف جاءت مشحونة بالإصرار على إظهار أن الشيشان قادرة على الوصول إلى أهداف ذات قيمة استراتيجية داخل أوكرانيا.
الإشارة إلى عمليات ستجري على مدار أسبوع كامل تعكس رغبة في فرض معادلة جديدة، تقوم على الرد بالمثل ولكن عبر أهداف عسكرية بدلاً من المدنية، وهو ما يهدف إلى تقديم صورة مختلفة عن أسلوب موسكو التقليدي في إدارة المواجهة.
التصعيد يعزز كذلك مكانة قديروف داخل روسيا، إذ يتحرك لإظهار نفسه كأحد أعمدة المواجهة مع كييف، وكقائد يقدم مبادرات هجومية لا تكتفي بما يقرره المركز الفيدرالي.
وفي الوقت نفسه، يستثمر الحدث لتعزيز نفوذه الداخلي في الشيشان، عبر تأكيد قدرته على حماية الإقليم ورفع كلفة أي استهداف له.
هجوم المسيرة.. تكتيك محدود ورسالة كبيرة
ورغم أن الهجوم الأوكراني لم يتجاوز حدود إلحاق ضرر بواجهة المبنى، فإن رمزيته كانت أكبر من حجمه، فاختراق الدفاعات والوصول إلى مركز حضري محصن بالتكنولوجيا والمراقبة يعد تطوراً يقلق موسكو، خصوصًا في وقت يشهد توسعًا في نطاق الضربات المتبادلة بالطائرات المسيرة على امتداد الجبهة.
كما يعكس الهجوم محاولة أوكرانية لتوجيه رسائل متعددة، منها اختبار رد الفعل الروسي، وقياس قدرة موسكو على تأمين مناطق بعيدة عن خط المواجهة، إضافة إلى محاولة ضرب صورة الاستقرار التي يعتمد عليها قديروف لتثبيت شرعيته السياسية.
مع إعلان نية الرد، تدخل العلاقة بين غروزني وكييف مرحلة أكثر حساسية، فتهديدات استهداف مواقع عسكرية داخل أوكرانيا إذا نفذت قد تشكل تحولاً في مستوى انخراط الشيشان المباشر في الحرب، وتضيف طبقة جديدة من التعقيد للمشهد الميداني والسياسي، كما أنها قد تفتح الباب أمام ردود قد تعيد تعريف قواعد الاشتباك بين الطرفين.

