في خطوة تحمل أبعادًا سياسية وأمنية عميقة، أعلنت ولاية تكساس توسيع قوائم الإرهاب لتشمل جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية “كير”، في قرار وصف بأنه من أكثر الإجراءات صرامة داخل الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة.
الخطوة التي اتخذها الحاكم الجمهوري غريغ أبوت لم تأتِ بمعزل عن التحولات الجارية في دوائر صنع القرار الأمريكي، بل تعكس توجهًا متزايدًا نحو إعادة تقييم نشاط الجماعات العابرة للحدود وتأثيرها على الأمن الداخلي.
تأكيدات رسمية تكشف الخلفيات والدوافع
وقد أكد بيان مكتب الحاكم أبوت، أن قرار التصنيف يستند إلى ما يصفه بسجل طويل من النشاطات التي يرى أنها تندرج ضمن دعم الإرهاب أو الترويج له.
واعتبر البيان أن الجماعتين تسعيان إلى فرض رؤيتهما الفكرية بالقوة وتأجيج أجواء التهديد والترهيب داخل المجتمع الأمريكي.
ورغم أنها اتهامات تنفيها المنظمات المعنية، فإن صدورها في وثيقة رسمية يجعلها جزءًا من السجال القانوني والسياسي الذي سيأخذ أبعاداً أوسع خلال الفترة المقبلة.
القرار لم يكن مفاجئًا تمامًا، إذ سبقته تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أشار فيها إلى مراجعة شاملة تقوم بها واشنطن وتدرس خلالها تصنيف جماعة الإخوان بوصفها تنظيمًا إرهابيًا.
روبيو شدد حينها على أن الإجراءات القانونية المعقدة قد تؤخر هذا الإعلان، لكنه أكد أن المسار يسير في هذا الاتجاه، خصوصًا مع تعدد فروع الجماعة وتشعب نشاطاتها.
انعكاسات مباشرة على الأرض
ويحمل قرار تكساس تأثيرات واسعة تمتد إلى الأنشطة اليومية للجماعتين داخل الولاية، إذ يضعهما القرار تحت طائلة قوانين صارمة تتعلق بالإرهاب والجريمة المنظمة، ما يمنح السلطات التنفيذية صلاحيات موسعة تشمل حظر التمويل والدعم والتنظيم، والسماح للمدعين العامين بالتدخل القضائي لوقف أي نشاط يشتبه بارتباطه بهما.
كما يتضمن القرار منع المنتمين إليهما من امتلاك أو شراء أي عقارات داخل تكساس، في خطوة تعكس رغبة واضحة في الحد من أي نفوذ اجتماعي أو اقتصادي قد تتمتع به تلك الكيانات.
هذه الإجراءات لا تقتصر على الشق الأمني فحسب، بل تمس أيضًا جانبًا يتعلق بالفاعلية الاجتماعية، حيث يعتبر القرار أن التعاون أو الانتماء إلى تلك الجماعات يدخل ضمن إطار نشاط إجرامي يهدد أمن الولاية.
وتكشف الوثيقة التي صدرت الأربعاء عن وجود ملفات قضائية سابقة تتعلق بصلات مالية وتنظيمية تجمع الجماعة ببعض الفصائل المسلحة مثل حماس، إضافة إلى قضايا أدين فيها أعضاء بارزون في “كير”، وتحذيرات صادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي منذ أكثر من عقد.
تداعيات تتجاوز حدود الولاية
وتكتسب خطوة أبوت أهمية مضاعفة لأنها لا تبقى حبيسة تكساس فقط، بل تشكل سابقة قانونية قد تحفز ولايات أخرى على اتخاذ إجراءات مشابهة.
والولايات التي تتابع عن كثب الجدل الدائر حول نشاط الجماعات العابرة للحدود قد ترى في القرار نموذجًا عمليًا يعزز أدواتها الأمنية.
كما أنه يوجه رسالة واضحة بأن التنظيمات ذات الأجندات السياسية والتمويل الخارجي ستكون تحت رقابة أشد، خصوصًا عندما تتقاطع أنشطتها مع ملفات الأمن القومي الأمريكي.
ورغم الانتقادات المتوقع أن تواجهها الخطوة على المستوى الحقوقي والسياسي، فإن مراقبين يرون أن القرار يعكس تحولاً حقيقياً في كيفية تعامل المؤسسات الأمريكية مع التنظيمات التي تمتلك شبكات ممتدة داخل البلاد.

