ذات صلة

جمع

من العزلة إلى الشراكة.. واشنطن تفتح الباب أمام التحول السوري

تسارعت التطورات السياسية في الملف السوري بعد الزيارة التاريخية...

التحديات المستقبلية.. هل سيؤثر ترسيخ سلطة السوداني على ملف الوجود الأمريكي في العراق؟

يقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمام واحدة من أعقد الملفات في تاريخه السياسي وهو ملف الوجود الأمريكي في العراق، الذي ما زال يمثل بؤرة توتر بين القوى السياسية المتنافسة ومؤشرًا حساسًا لعلاقات بغداد مع واشنطن وطهران على حد سواء.

التوازنات الصعبة

فمنذ توليه المنصب في أكتوبر 2022، حاول السوداني أن يقدّم نفسه كرجل توازنات، قادر على تهدئة التوترات بين المعسكرات الشيعية المتنافسة، وإعادة بناء الثقة مع الغرب دون إثارة غضب طهران، لكن هذا الدور الوسطي يواجه اختبارًا متزايدًا مع تصاعد الأصوات داخل البرلمان العراقي المطالبة بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي، خاصة بعد موجات القصف المتبادل بين الفصائل المسلحة والقوات الأمريكية في أعقاب حرب غزة وتوسع المواجهات الإقليمية.

وترى مصادر، أن السوداني يدرك تمامًا أن أي خطوة متسرعة في هذا الملف قد تُفقده الدعم الغربي الضروري للاستقرار الاقتصادي، أو تفتح الباب أمام صدام داخلي مع الفصائل المسلحة التي تمتلك نفوذًا قويًا داخل الدولة.

تحدي السوداني في الموازنة بين الدعم الأمريكي ومطالب وطنية الحكومة

ووفق المصادر، فإن تمكين السوداني من أدوات الحكم يجعله أكثر قدرة على إدارة الحوار مع واشنطن من موقع قوة نسبية، لكنه أيضًا يزيد من مسؤوليته في تبرير أي قرار قد يُفسر كتنازل أمام الأمريكيين، فكلما ترسخت سلطته، زاد الضغط عليه لإظهار استقلالية القرار العراقي، خصوصًا من القوى الموالية لإيران التي تعتبر الملف الأمريكي معيارًا لمدى “وطنية” الحكومة.

ورغم الخطاب الشعبي الرافض للوجود الأمريكي، فإن الولايات المتحدة لا تزال تمثل شريكًا أساسيًا في دعم قدرات الجيش العراقي، خاصة في مجال التدريب والاستخبارات الجوية ضد تنظيم “داعش”.

وقد حرص السوداني منذ توليه المنصب على إبقاء هذا التعاون قائمًا، مع تأكيده في الوقت نفسه على أن وجود التحالف الدولي يجب أن يخضع لاتفاقات شفافة وجدول زمني واضح.

سياسة ضبط التوتر

وأوضحت المصادر، أنه لا يمكن الحديث عن مستقبل الوجود الأمريكي دون الإشارة إلى دور الفصائل المسلحة المرتبطة بالحشد الشعبي وبعض القوى العقائدية المقرّبة من إيران، هذه الفصائل ترى أن بقاء أي جندي أمريكي على الأرض العراقية يمثل احتلالًا مقنّعًا.

وقد نفذت خلال الشهور الماضية هجمات متفرقة ضد قواعد تضم جنودًا أمريكيين في الأنبار وكركوك وأربيل، لكن حكومة السوداني تدرك أن أي تصعيد ميداني ضد القوات الأمريكية سيجر العراق إلى مواجهة لا طائل منها، وقد يُعيده إلى مربع الفوضى الأمنية.

لذلك، يحاول رئيس الوزراء اتباع سياسة ضبط التوتر، عبر موازنة بين التهدئة الميدانية وإطلاق تصريحات تؤكد على حق العراق في إنهاء أي وجود أجنبي غير منسق.

وفي المقابل، تراهن بعض الفصائل على أن السوداني، مع مرور الوقت، سيضطر إلى تبني موقف أكثر تشددًا تجاه واشنطن إذا أراد الحفاظ على دعم الكتلة الشيعية التي جاءت به إلى السلطة.

ما هي أبرز التحديات المستقبلية؟

وترى المصادر أن المرحلة المقبلة ستشهد تفاوضًا هادئًا بين بغداد وواشنطن لتحديد شكل الوجود المستقبلي، بحيث يتحول من عسكري مباشر إلى دعم استشاري وتقني، ما يسمح للسوداني بتقديم إنجاز سياسي داخلي دون خسارة الشراكة الغربية، غير أن هذا السيناريو يظل هشًا، لأن أي تغير في المعادلة الإقليمية، سواء في إيران أو سوريا أو غزة، قد يعيد الملف إلى واجهة التصعيد.