تبدو المنطقة أمام فصل جديد من التوتر بين إسرائيل وإيران، بعدما عادت تل أبيب لتضع هدفًا قديمًا على طاولتها، “إسقاط النظام الإيراني قبل نهاية الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2029”.
وتتحدث دوائر إسرائيلية عن أن حكومة بنيامين نتنياهو ترى في المرحلة الراهنة فرصة ذهبية لتحقيق هذا الهدف، في ظل الدعم السياسي والعسكري غير المسبوق الذي تحظى به من واشنطن، واستعداد الإدارة الأميركية لتوفير غطاء كامل لأي تحرك إسرائيلي يستهدف طهران.
استراتيجية تل أبيب.. “الضغط حتى الانفجار”
الخطط الإسرائيلية لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل تمتد إلى حرب استخباراتية واقتصادية تهدف إلى إنهاك النظام الإيراني من الداخل.
وتسعى تل أبيب، وفق تقديرات سياسية، إلى تقويض شبكة نفوذ طهران الإقليمية في سوريا ولبنان واليمن، عبر استهداف وكلائها أو ضرب مراكز التمويل والدعم اللوجستي، في محاولة لتفكيك منظومة الردع التي بنتها إيران على مدى سنوات.
في المقابل، تواصل إيران توسيع برنامجها النووي وتطوير منظوماتها الصاروخية، وسط تكتم شديد على مواقع التخصيب الجديدة التي تصفها أوساط غربية بأنها الأكثر تحصينًا في تاريخ البرنامج الإيراني.
حسابات معقدة ومعركة غير متكافئة
ورغم الخطاب التصعيدي الإسرائيلي، تبدو احتمالات المواجهة المباشرة محدودة في المدى القريب، فالهجوم على إيران يعني إشعال حرب متعددة الجبهات تشمل حزب الله في لبنان والميليشيات الموالية لطهران في العراق وسوريا واليمن، وهو سيناريو قد ينهك إسرائيل سياسياً وعسكرياً.
لكن تل أبيب تراهن على الزمن وعلى الضغوط الأميركية المتصاعدة ضد طهران لإحداث تصدع داخلي يمهد لسقوط النظام دون خوض حرب شاملة.
مع ذلك، تواجه هذه الرهانات عقبات عديدة، أبرزها تماسك المؤسسة العسكرية والأمنية الإيرانية، واستمرار الالتفاف الشعبي حول القيادة في أوقات الأزمات.
الدعم الروسي والصيني.. معادلة الردع الدولية
العقبة الأكبر أمام المخطط الإسرائيلي تبقى الدعم المتزايد الذي تتلقاه طهران من موسكو وبكين، حيث تنظر القوتان إلى إيران باعتبارها شريكًا محوريًا في موازنة النفوذ الغربي في الشرق الأوسط.
ويمنح هذا الدعم طهران مظلة سياسية واقتصادية تمنع عزلها دوليًا، كما يتيح لها تطوير برامجها الدفاعية بعيدًا عن الضغوط الغربية، وهو ما يحد من قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات نوعية دون مواجهة ردود فعل دولية قاسية.
مغامرة محفوفة بالمخاطر
تدرك إسرائيل أن محاولة إسقاط النظام الإيراني قبل نهاية ولاية ترامب تمثل مغامرة عالية التكلفة، خصوصًا في ظل اشتعال جبهات أخرى كجنوب لبنان وقطاع غزة.
ورغم استمرار التصريحات الإسرائيلية حول “الخطر الإيراني”، إلا أن واقع الميدان يشير إلى أن تل أبيب لم تعد تملك الأدوات الكفيلة بتغيير النظام في طهران، بقدر ما تحاول التأثير على صورته الإقليمية.
ومع استمرار سباق النفوذ بين الطرفين، تبدو المرحلة المقبلة مرشحة لمزيد من التصعيد الكلامي والعمليات المحدودة، دون أن تقترب فعليًا من الهدف الكبير الذي تطمح إليه إسرائيل منذ عقود “إسقاط نظام طهران”.

