تدور نقاشات مكثفة بين الأطراف الفاعلة في المشهد الإقليمي والدولي حول مستقبل الهدوء الهش في قطاع غزة، في ظل مؤشرات متزايدة على احتمال عودة التصعيد العسكري بشكل فوري.
فبين التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، واستعدادات الفصائل الفلسطينية الميدانية، ومحاولات الوسطاء منع الانفجار، تتشكل ملامح مرحلة جديدة قد تعيد القطاع إلى نقطة الصفر بعد شهور من محاولات تثبيت وقف إطلاق النار.
التصعيد المحدود ومخاطر إشعال الجبهة الشمالية
ووفق تقارير أمنية، نوقش داخل دوائر القرار في تل أبيب وواشنطن يقوم على فكرة التصعيد المحدود ضد أهداف محددة في غزة، لإعادة فرض شروط إسرائيلية جديدة دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.
وهذا السيناريو يحظى بتأييد داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي ترى أن الرد المحدود يعيد صورة الردع دون المخاطرة بتورط طويل الأمد. في المقابل، تحذر الأجهزة الأمريكية من أن أي تصعيد جديد قد يُشعل الجبهة الشمالية مع لبنان، ويعيد خلط الأوراق في المنطقة بأكملها.
مخاطر توسيع المواجهة إلى لبنان
وضمن النقاشات المغلقة، جرى أيضًا بحث احتمال توسيع المواجهة إلى الجبهة اللبنانية في حال قررت إسرائيل توجيه ضربة استباقية إلى حزب الله، وهو ما سيؤدي تلقائيًا إلى تفاعل الجبهة الجنوبية في غزة.
ورغم أن هذا السيناريو يوصف بأنه الأكثر خطورة، إلا أنه لا يُستبعد تمامًا، خاصة في ظل اقتراب موسم الانتخابات في إسرائيل، حيث تسعى الحكومة إلى تحقيق مكسب سياسي يعزز صورتها أمام الداخل الإسرائيلي الذي يعيش أزمة ثقة غير مسبوقة.
سيناريو الانهيار الإنساني
وقالت المصادر: إن أحد أكثر السيناريوهات تداولاً داخل أروقة الأمم المتحدة هو احتمال انهيار المسار الإنساني في غزة، في حال فشل الأطراف في الحفاظ على تدفق المساعدات وإعادة الإعمار.
فوفقًا لتقارير أممية، فإن الوضع في القطاع وصل إلى حد الانفجار الاجتماعي، مع استمرار نقص الوقود والدواء والغذاء، وغياب آلية واضحة لإعادة الإعمار، ومع تراجع التمويل الدولي، وتحذيرات المنظمات الإنسانية من كارثة بيئية وصحية، بات أي انهيار إداري أو لوجستي كفيلاً بإشعال احتجاجات قد تتحول إلى مواجهة مع القوات الإسرائيلية المنتشرة على أطراف القطاع.
هدنة مؤقتة وحرب مؤجلة
وأوضحت المصادر، أن النقاشات الجارية خلف الأبواب المغلقة لا تترك مجالاً للتفاؤل، فكل السيناريوهات المطروحة، وإن اختلفت في شكلها، تقود في النهاية إلى احتمال واحد هو عودة التصعيد الفوري في غزة، سواء بقرار سياسي محسوب أو بانفجار ميداني غير متوقع.

