ذات صلة

جمع

سيناريو الحصار.. هل أصبحت أنفاق رفح نقطة ضعف حماس الأخيرة في القطاع؟

مع احتدام القتال وفرض قيود واسعة على الحركة والحدود،...

الإخوان في بريطانيا بين التمدد الأيديولوجي وغياب الرد الرسمي

رغم مرور أكثر من عقدين على تصاعد موجات التطرف...

في قبضة المخابرات الروسية.. إفشال خطة سرية لاختطاف “ميغ-31” وتوريط موسكو مع الناتو

أعلنت الأجهزة الأمنية الروسية، الثلاثاء، إحباط واحدة من أكثر...

محاور التحديات.. ملامح الخريطة الانتخابية بالعراق ومؤشرات الصراع بين الكتل الكبرى

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، تزداد...

المصالح الأمنية أم الإنسانية.. الدوافع الخفية وراء تغيير واشنطن لسياستها تجاه دمشق

أعلنت واشنطن تغييرًا تدريجيًا في سياستها تجاه دمشق، بعد...

الإخوان في بريطانيا بين التمدد الأيديولوجي وغياب الرد الرسمي

رغم مرور أكثر من عقدين على تصاعد موجات التطرف في أوروبا، ما زالت بريطانيا تواجه معضلة تتجاوز التهديد الأمني التقليدي، إذ يتمثل الخطر هذه المرة في تغلغل أيديولوجيا جماعة الإخوان الإرهابية داخل مؤسساتها السياسية والتعليمية والاجتماعية.

التمدد، الذي يجري في صمت مؤسسي، يثير تساؤلات حول حدود التسامح البريطاني، ومدى إدراك الحكومة لحجم التأثير الذي تمارسه الجماعة تحت ستار العمل الخيري والديني.

نفوذ داخل المؤسسات البريطانية

ويتجلى الحضور الإخواني في بريطانيا من خلال شبكة معقدة من الجمعيات والمراكز الإسلامية التي تعمل بصورة قانونية، لكنها ترتبط تنظيميًا وفكريًا بالجماعة.

هذه الكيانات باتت تملك أدوات اقتصادية واستثمارية وتعليمية ضخمة، تمكنها من التأثير على الأجيال الجديدة من المسلمين البريطانيين.

ويصف مراقبون هذا النفوذ بأنه “نظام موازي”، يهدف إلى إعادة تشكيل الهوية الإسلامية في بريطانيا وفقًا لرؤية الجماعة الفكرية التي تمزج بين الدين والسياسة.

صمت حكومي يثير التساؤلات

منذ تحقيق الحكومة البريطانية في عهد ديفيد كاميرون عام 2015 بشأن أنشطة الإخوان، لم تتخذ لندن أي خطوات تنفيذية حقيقية لتقييد نشاط الجماعة أو مراقبة تمويلها.

ورغم تحذيرات المؤسسات الأمنية والفكرية، فإن بعض الجهات الرسمية واصلت التعاون مع منظمات على صلة بالإخوان، ما منحها شرعية غير مباشرة داخل النظام البريطاني.

هذا الموقف الملتبس يعكس وفقًا للخبراء ازدواجية في تعامل بريطانيا مع ملف التطرف، حيث ترفع شعارات الحريات العامة بينما تترك التنظيمات الأيديولوجية لتتحرك بحرية داخل المجتمع.

أدوات السيطرة الناعمة

ولا يقتصر نفوذ الإخوان في بريطانيا على العمل الدعوي، بل يمتد إلى إنشاء منظومة متكاملة من المدارس والمراكز الاجتماعية والمشروعات الخيرية التي تدار بعناية فائقة.

ومن خلال هذه المؤسسات، تسعى الجماعة إلى خلق “بيئة فكرية مغلقة” تعيد تشكيل الوعي الجمعي للمسلمين البريطانيين، وتمنحها قدرة على التحكم في تفاصيل الحياة اليومية، بدءًا من التعليم الديني وحتى الأنشطة المجتمعية.

هذه المقاربة الناعمة تتيح للجماعة تحقيق أهدافها دون صدام مباشر مع الدولة، معتمدة على ما تسميه بالإصلاح من الداخل.

خطر أيديولوجي يتجاوز الأمن

الجيل الجديد من رموز الإخوان في بريطانيا بات أكثر تشددًا من سابقه، مع بروز مظاهر انعزال ثقافي وديني في عدد من المدن البريطانية.

هذا التوجه يعيد إنتاج الخطاب القطبي المتشدد داخل البيئة الغربية، بما يهدد قيم المواطنة والتعددية التي طالما افتخرت بها بريطانيا.

ويرى محللون، أن السماح بانتشار هذا الفكر داخل الجامعات والمدارس يفتح الباب أمام تطرف ناعم يصعب رصده أمنيًا لكنه يضرب تماسك المجتمع من الداخل.

مأزق أوروبا وتناقض المواقف

ما يحدث في بريطانيا ليس استثناء، فعدد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، تواجه التحدي ذاته.

فبينما حظرت دول عربية كالإمارات ومصر والسعودية الجماعة باعتبارها تهديدًا للأمن القومي، ما زالت أوروبا تمنحها مظلة قانونية باسم حرية المعتقد، وهو ما يخلق بيئة ملائمة لتوسعها الأيديولوجي.

ويرى مراقبون، أن هذا التناقض بين الموقفين العربي والغربي يعكس سوء فهم لطبيعة الخطر، إذ يخلط الغرب بين حرية الدين وبين توظيفه كأداة سياسية.

اختبار حقيقي للمجتمع البريطاني


تواجه بريطانيا اليوم اختبارًا دقيقًا بين الحفاظ على قيمها الليبرالية، وبين حماية مؤسساتها من اختراقات أيديولوجية منظمة.

فمكافحة التطرف، كما يؤكد خبراء، لا يمكن أن تقتصر على الأمن، بل تتطلب مواجهة فكرية شاملة تُفكك البنية الأيديولوجية التي تغذي هذه الجماعة.