شكلت حرب الأنفاق خلال السنوات الأخيرة تحديًا مركبًا للدول والجيوش العاملة في بيئات حضرية ومحصورة، وأظهرت معارك غزة كيف يمكن لشبكات تحت الأرض أن تُعيد تشكيل موازين القوة الميدانية.
طبيعة أنفاق غزة
وقالت مصادر إن أنفاق غزة ليست مجرد قنوات نقل؛ بل شبكات متعددة الوظائف تُستخدم للتنقل، والتخزين، والاتصال، والكمائن؛ وحجمها وتعقيدها جعلاها مؤسسات قتالية متكاملة أحيانًا بمستوى بنيوي شبيه بالأنفاق الحصينة، ما يزيد صعوبة الكشف والتدمير ويطيل زمن العمليات البرية. وهذه الخصائص تستدعي مزيجًا من استخبارات شبكية، وتقنيات استشعار متقدمة، وقدرات هندسية قتالية متخصصة.
ما هي تحديات وتقنيات الكشف عن الأنفاق؟
وأوضحت المصادر أن الحساسات الزلزالية والصوتية تُستخدم للكشف عن حفر أو حركة تحت السطح عبر تحليل موجات الاهتزاز، وهذه الأنظمة فعالة لمسافات طويلة لكنها تولّد إنذارات كاذبة في ظروف حضرية معقدة.
وأشارت إلى أن الأشعة والـGPR أداة قيّمة لكشف الفراغات تحت الأرض، لكنها حساسة لنوع التربة والرطوبة وتواجه قيودًا في التغطية الواسعة، مؤكدة أن الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار والمراقبة الجوية تسمح برصد نشاط ظاهري حول مواقع الدخول وتقديم طبقات استخباراتية، لكنّها لا تكشف الأنفاق العميقة بمفردها، وأن خبرة ميدانية متخصصة ضرورية للتعامل مع الكمائن والعبوات والتهديم الممنهج.
ما هي تحديات الحل الشامل؟
وكشفت المصادر أنه من الناحية التقنية هناك تقدم ملحوظ في تكنولوجيا الاستشعار وتنامٍ في سوق أنظمة كشف الأنفاق وقياس الاهتزازات والألياف البصرية، لكن لا توجد تقنية واحدة قادرة على الحل الشامل؛ كل تقنية لها حدود بيئية وفنية.
ومن الناحية التشغيلية قالت المصادر إن بعض الجيوش طورت وحدات متخصصة للاقتحام تحت الأرض والتعامل مع الشبكات المعقدة، إلا أن تجربة حروب غزة أظهرت أن الجاهزية التكتيكية والتنسيق بين الاستخبارات والهندسة والقوات القتالية لم تكن كافية دائمًا لمواكبة تطور الأنفاق. ومن ناحية الاستخبارات والتكامل، فالقدرة على الدمج بين مصادر الاستشعار تظل نقطة ضعف في كثير من الأحيان؛ إذ إن التمكين من جمع بيانات متعددة وتحليلها في الزمن الحقيقي لا يزال تحديًا تقنيًا وبشريًا.
ما هي تحديات الاعتمادية والتعقيدات التشغيلية في التعامل مع الأنفاق؟
وقالت المصادر إن الأنظمة القائمة تعطي إشارات لكنها تنتشر بكثافة محدودة ولا تغطي كل المناطق المعرضة لبناء أنفاق، ورطوبة التربة وأنواعها والحركة المدنية تزيد من نسبة الإنذارات الكاذبة وتخفض موثوقية بعض الأجهزة، “خصوصًا GPR”، مؤكدة أن اكتشاف ممر لا يعني بالضرورة إمكانية تدميره بأمان داخل بيئة حضرية دون خسائر جانبية، وأنظمة الاستشعار وتحديثها تتطلب دعمًا لوجستيًا وبرمجيات تحليل متقدمة، إضافة إلى تدريب طويل للوحدات.

