منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، ظهرت تسريبات عن خطط أمريكية لتولي إدارة مؤقتة للقطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية، تحت غطاء إعادة الإعمار والإشراف الأمني.
هل يسقط الدور الأمريكي مسؤولية إسرائيل؟
إلا أن مصادر حذروا من أن هذه الخطوة قد تمثل تحايلاً قانونيًا على مفهوم الاحتلال، بحيث تُخفف مسؤولية إسرائيل دون أن تنهي فعليًا سيطرتها الميدانية أو سيادتها المفروضة بالقوة.
وأشارت المصادر إلى أن مجرد نقل الصلاحيات أو إدارة الأرض إلى قوة أجنبية أخرى لا يُعفي القوة الأصلية من مسؤولياتها ما دامت تملك النفوذ الفعلي أو القدرة على التحكم بالحدود والمعابر والأمن العام، وأي دور أمريكي لا يغيّر من واقع أن إسرائيل تبقى القوة القائمة بالاحتلال وفق اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949.
هل تلغي الإدارة البديلة صفة الاحتلال؟
وقالت المصادر: إن القانون الدولي ينص بوضوح على أن الاحتلال العسكري لا يمكن تفويضه أو نقله إلى قوة ثالثة، لأن المسؤولية القانونية تظل قائمة على الطرف الذي يملك السيطرة الفعلية على الأرض والسكان.
فوفقًا للمادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907، يُعد الإقليم محتلًا إذا وُضع فعليًا تحت سلطة جيش معادٍ، بغض النظر عن وجود إدارة مدنية أو سياسية بديلة.
وترى المصادر، أن فكرة حلول قوة جديدة محل إسرائيل لن تُسقط صفة الاحتلال طالما استمرت الأخيرة في التحكم بالمعابر والجو والمياه والحدود، مؤكدًا أن أي صيغة “إدارة مشتركة” مع الولايات المتحدة ستكون بمثابة شراكة في الاحتلال لا بديلاً عنه.
هل تخترق واشنطن اتفاقيات جنيف؟
وحذرت المصادر من أن محاولات إعادة تعريف الاحتلال ستشكل سابقة خطيرة في القانون الدولي، إذ قد تسمح للدول المحتلة مستقبلًا بالتنصل من التزاماتها الإنسانية عبر توكيل قوة ثالثة لتولي الإدارة المدنية.
وأوضحت، أنه في حال تولت الولايات المتحدة أو تحالف دولي عملية إعادة الإعمار، ستُطرح تساؤلات حول من يتحمل كلفة الدمار الهائل الذي تسببت به الحرب، وما إذا كانت إسرائيل ستظل ملزمة بالتعويضات الدولية.
غزة تتحول إلى منطقة نفوذ مزدوجة أمريكية-إسرائيلية
وقالت المصادر أيضًا: إن واشنطن قد تسعى لتأسيس نظام اقتصادي وصائي شبيه بما كان قائمًا في العراق بعد 2003، حين تولت سلطة الائتلاف المؤقتة إدارة الموارد وإعادة الإعمار، بينما بقيت المصالح الأمريكية هي المهيمنة فعليًا، وهذا السيناريو سيحوّل غزة إلى منطقة نفوذ مزدوجة بين واشنطن وتل أبيب، مع تقليص تدريجي لمسؤولية الاحتلال في مقابل تعظيم المكاسب السياسية.
خبراء الأمم المتحدة يحذرون من سابقة الهروب من المحاسبة
يذكر، أنه من وجهة نظر القانون الدولي، لا يمكن نقل صفة الاحتلال ولا التنازل عن تبعاته، لأن المسؤولية قائمة على أساس الفعل والسيطرة وليس على النية أو الشكل الإداري، وحتى لو تولت واشنطن أو أي جهة أخرى إدارة الشأن المدني في غزة، ستظل إسرائيل هي القوة القائمة بالاحتلال طالما تسيطر على الحدود والموارد والمجال الجوي.
ويرى خبراء الأمم المتحدة، أن أي محاولة لتغيير هذا الواقع ستُعد سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، لأنها تمنح الدول المحتلة فرصة للهرب من المحاسبة عبر ترتيبات شكلية، كما ستفتح الباب أمام مطالبات قانونية جديدة من الجانب الفلسطيني لإثبات أن الاحتلال بالوكالة لا يُسقط المسؤولية الأصلية.

