شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، تصعيدًا جديدًا ضد المجتمع الدولي، تمثل في اقتحام مقار خمس منظمات إنسانية تعمل في البلاد واحتجاز عدد من موظفيها، في خطوة تعكس توجهًا ممنهجًا لتضييق الخناق على العمل الإغاثي داخل مناطق سيطرة الجماعة.
الهجوم الحوثي الأخير استهدف منظمات دولية معروفة بنشاطها الإنساني، منها أطباء بلا حدود، والإغاثة الإسلامية، والعمل ضد الجوع، وACTED، وهيومن أبيل، حيث تمت مداهمة مقارها في صنعاء ومصادرة معدات وأجهزة اتصالات، إلى جانب احتجاز موظفين محليين وأجانب وإخضاعهم لتحقيقات قسرية.
تضييق متعمد على المنظمات الدولية
ووفق مصادر مطلعة، فإن الاقتحامات لم تكن حوادث فردية، بل جاءت ضمن حملة منسقة تشنها الميليشيات منذ أشهر ضد المنظمات الإنسانية والأممية.
وتقول المصادر: إن الحوثيين يسعون إلى فرض رقابة شاملة على أنشطة تلك المنظمات، وابتزازها ماليًا، وربط أي تحرك أو نشاط ميداني بموافقة أمنية من قيادات الجماعة.
يشار إلى أن هذه الممارسات تأتي في وقت تشهد فيه المناطق الخاضعة للحوثيين تدهورًا إنسانيًا حادًا، حيث يعتمد الملايين من السكان على المساعدات الدولية لتأمين احتياجاتهم الأساسية، وهو ما يجعل التضييق على تلك المنظمات بمثابة حكم بالإعدام على جهود الإغاثة الإنسانية في اليمن.
سوابق متكررة وانتهاكات متصاعدة
الاقتحامات الأخيرة ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات ضد المنظمات الدولية. ففي أكتوبر الماضي، اقتحم الحوثيون المجمع السكني التابع للأمم المتحدة بصنعاء، واحتجزوا 15 موظفًا دوليًا قبل أن تسمح المنظمة بإجلاء معظمهم لاحقًا، كما تعرض مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لاقتحام مماثل تخلله احتجاز ثلاثة موظفين.
والتقارير تشير إلى أن عدد الموظفين المحليين التابعين للأمم المتحدة المختطفين لدى الحوثيين تجاوز 60 شخصًا، إضافة إلى آخرين من منظمات غير حكومية ومجتمع مدني وحتى من بعثات دبلوماسية، في مؤشر على اتساع رقعة الانتهاكات واستهدافها الممنهج.
رسالة سياسية موجهة للمجتمع الدولي
ويرى مراقبون أن ما يحدث في صنعاء لا يقتصر على كونه انتهاكًا إنسانيًا، بل هو رسالة سياسية مباشرة إلى المجتمع الدولي، تهدف من خلالها الجماعة إلى فرض حضورها كسلطة أمر واقع لا يمكن تجاوزها في أي مفاوضات مقبلة.
فمن خلال استهداف المنظمات الدولية، تسعى الميليشيا إلى إعادة صياغة العلاقة مع المؤسسات الإنسانية بما يضمن لها التحكم في مسارات الدعم وتمويلاته، واستخدامها كورقة ضغط سياسية واقتصادية.
وتتخوف الأوساط الحقوقية من أن تؤدي هذه الممارسات إلى انسحاب تدريجي للمنظمات الدولية من اليمن، ما سيزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في بلد يعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم وفق تقديرات الأمم المتحدة.

