تستعد الجمهورية اللبنانية لحدث تاريخي وروحي غير مسبوق، مع اقتراب زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر، بابا الفاتيكان، المقررة في نهاية شهر نوفمبر المقبل، في أول جولة خارجية له منذ اعتلائه السدة البابوية.
وتُعدّ هذه الزيارة محطة مفصلية في العلاقات الروحية والإنسانية بين لبنان والكرسي الرسولي، إذ تحمل رسائل سلام ووحدة وتضامن مع الشعب اللبناني الذي يواجه أزمات اقتصادية وسياسية خانقة منذ سنوات.
خطة وطنية لتأهيل البنية التحتية قبل الزيارة
تكثّف وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية أعمالها الميدانية ضمن خطة وطنية أقرّها مجلس الوزراء، تهدف إلى تحديث الطرق والمحاور التي ستشكّل مسار المواكب البابوية وتأمين حركة مرور آمنة وسلسة خلال أيام الزيارة.
وتشمل الخطة إعادة تأهيل وتزفيت وتخطيط الطرق، وتركيب أنظمة إنارة هجينة (Hybrid)، في خطوة ترمي إلى إظهار الوجه الحضاري للبنان أمام العالم، وإبراز قدرته على استقبال حدث بهذا الحجم رغم الظروف الصعبة.
تحسين المسارات المؤدية إلى المواقع الدينية
تجري حاليًا أعمال صيانة شاملة على الطريق الممتد من جسر فؤاد شهاب مرورًا بـبكركي ودير راهبات الكارميليت والسفارة البابوية، وصولًا إلى بازيليك سيدة لبنان وبيت عنيا، حيث سيقيم الوفد المرافق لقداسة البابا.
كما تم تحويل الاعتمادات اللازمة إلى مجلس الإنماء والإعمار لاستكمال أعمال البنية التحتية في طريق حريصا بطول 1.5 كيلومتر، إضافة إلى تزفيت طريق جل الديب – دير الصليب والطريق المؤدي إلى دير القديس شربل في عنايا، بما يتناسب مع الطابع الروحي والرمزي للحدث.
احتفال مركزي في ساحة البيال
تُجهّز ساحة البيال في الواجهة البحرية لبيروت لاستضافة الاحتفال الليتورجي المركزي الذي سيترأسه قداسة البابا، حيث ستُنظَّم مسارات دخول وخروج الحشود وفق أعلى معايير السلامة العامة.
ومن المتوقع أن يشهد الاحتفال حضور عشرات الآلاف من المؤمنين من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية، إلى جانب وفود دبلوماسية وروحية من الخارج، في مشهد يُجسّد صورة لبنان المتنوّع والمتحد في آنٍ واحد.
محطات روحية ورسائل إنسانية
أعلن الكرسي الرسولي أن البابا لاوون الرابع عشر سيبدأ زيارته إلى لبنان في 30 نوفمبر وتستمر حتى 2 ديسمبر 2025، وتشمل محطات روحية وتأملات في مواقع رمزية، أبرزها موقع انفجار مرفأ بيروت، تخليدًا لذكرى ضحايا الكارثة التي هزّت لبنان والعالم عام 2020.
وسيتناول البابا في عظاته وكلماته ملفات الوحدة المسيحية والحوار بين الأديان، إلى جانب تسليط الضوء على معاناة المسيحيين في الشرق الأوسط، والدعوة إلى ترسيخ قيم السلام والعدالة والتضامن الإنساني.
جولة تشمل تركيا ومجمع نيقية
وفي إطار رحلته الخارجية نفسها، سيزور البابا تركيا للمشاركة في الاحتفال بالذكرى الـ1700 لانعقاد مجمع نيقية الأول، الذي يُعدّ من أهم المجامع المسكونية في تاريخ الكنيسة.
وتُعتبر هذه الجولة استكمالًا لخطط سلفه الراحل البابا فرنسيس، الذي كان يطمح إلى زيارة لبنان قبل وفاته، تعبيرًا عن تضامنه مع الشعب اللبناني رغم الأزمات التي عصفت بالبلاد.
رسالة أمل إلى الشرق
تتجه الأنظار إلى لبنان نهاية نوفمبر المقبل، حيث من المنتظر أن تُترجم زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى رسالة أمل وسلام من الفاتيكان إلى الشرق الأوسط.
إنها ليست مجرد زيارة دينية، بل حدث وطني وروحي عالمي يعيد لبنان إلى الواجهة الدولية كـ جسر بين الشرق والغرب، وبلدٍ ما زال، رغم أزماته، يحمل رسالة الإيمان والإنسانية من أرض الأرز إلى العالم.

