تشهد الضفة الغربية واحدة من أخطر مراحلها منذ عقود، مع تسارع خطوات الحكومة الإسرائيلية نحو تنفيذ مشروع “E1” الاستيطاني، الذي تعتبره المصادر الضربة القاضية لفكرة الدولة الفلسطينية المتصلة جغرافيًا.
ووفقًا لتقرير صادر عن معهد الأبحاث التطبيقية في القدس “أريج”، فإن المشروع يهدف إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها عبر حزام استيطاني ضخم يمتد من القدس إلى مستوطنة “معاليه أدوميم”، ما يؤدي إلى محاصرة التجمعات الفلسطينية وحرمانها من أي امتداد جغرافي متصل.
كما أوضح التقرير أن المنطقة المستهدفة بالمخطط تُعرف باسم المنطقة “E1″، وتقع شرق القدس على مساحة تقارب 12 ألف دونم، وهي منطقة استراتيجية تشكل الرابط الحيوي بين القدس والبحر الميت.
سياسة ممنهجة لتغيير ملكية الأراضي
وترى المصادر أن هذا التحول في آلية التسجيل هو خطوة نحو ضمٍّ فعليٍّ مقنّع، إذ لم تعد الإدارة المدنية هي المسؤولة عن الإجراءات، بل نُقل الملف إلى وزارة العدل الإسرائيلية، في إشارة إلى محاولة تكريس السيادة الإسرائيلية على مناطق تُصنَّف دوليًا بأنها “أراضٍ محتلة”.
خطر التهجير القسري
وأوضحت المصادر أن واحدة من أبرز تداعيات مخطط “E1” تتمثل في خطر التهجير الجماعي للفلسطينيين، خاصة في المناطق غير المسجلة رسميًا، فمعظم التجمعات البدوية الواقعة شرق القدس، مثل خان الأحمر وجبل البابا والبدوية الشرقية، مهددة بالإخلاء القسري لإفساح المجال أمام المشروع.
كما أشارت المصادر إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم خطاب “التطوير العمراني” و”تنظيم السكن” لتسويق المشروع خارجيًا، بينما تُخفي خلفه نية واضحة لتكريس السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية، وتفريغ اتفاقيات أوسلو من مضمونها.
ما هو موقف المنظمات الحقوقية؟
دعت منظمات حقوقية فلسطينية ودولية إلى تحرك عاجل من المجتمع الدولي لوقف المشروع، محذّرة من أن تنفيذه سيقضي على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويحوّل الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
ما هي الأهداف السياسية الخفية؟
ورجّحت المصادر أن تسريع تنفيذ المشروع يأتي في إطار المزايدات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية، خاصة مع اقتراب الانتخابات، إذ يشكّل المستوطنون قاعدة انتخابية حاسمة للأحزاب اليمينية، ويُستخدم مشروع “E1” كورقة ضغط لكسب تأييدهم.
كما يهدف المشروع إلى فرض أمر واقع قبل أي مفاوضات مستقبلية، بحيث تصبح القدس والضفة الغربية موحّدتين إداريًا وجغرافيًا تحت السيادة الإسرائيلية.
وبينما تواصل إسرائيل تنفيذ المشروع بخطوات محسوبة، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع المجتمع الدولي وقف هذا المخطط قبل أن يُغلق نهائيًا الباب أمام حل الدولتين؟

