لم تهدأ سماء غزة طوال الساعات الماضية، حيث عاشت المناطق الوسطى والجنوبية ليلة قاسية تحت وابل من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت منازل وخيام نازحين.
ومع فجر اليوم، كانت الحصيلة ثقيلة؛ نحو مائة قتيل سقطوا خلال أربع وعشرين ساعة فقط، بينهم أطفال ونساء، في واحدة من أكثر الأيام دموية منذ بداية الهدنة الهشة.
في مدينة دير البلح، تحوّلت الخيام المؤقتة إلى رماد. استهدفت الطائرات الإسرائيلية مواقع قريبة من مستشفى شهداء الأقصى، فأصابت خيمًا كانت تأوي عائلات نزحت من مناطق القتال، وأصوات الانفجارات امتزجت بصيحات المسعفين الذين حاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط دمار هائل وإمكانات طبية شبه معدومة.
غارات لا تميّز بين المنازل والملاجئ
الضربات الجوية امتدت إلى مناطق أخرى في خان يونس وغرب غزة، حيث دمرت منازل بأكملها على ساكنيها، لم يفرق القصف بين بيت مدني أو خيمة نازحين، إذ باتت كل منطقة هدفًا محتملاً.
وشهدت الساعات الأخيرة مقتل عدد من العائلات بالكامل، بينما ما يزال العشرات تحت الأنقاض، في ظل غياب فرق إنقاذ قادرة على الوصول إلى المناطق المنكوبة.
وتؤكد المشاهد القادمة من الميدان، أن القوة النارية الإسرائيلية تجاوزت حدود الاستهداف العسكري، لتطال مناطق مكتظة بالمدنيين.
وبينما تتواصل محاولات انتشال الجثث، تتزايد أعداد المفقودين، وتغص المستشفيات بما تبقّى من الجرحى الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة.
أطفال في قلب المأساة
من بين القتلى، برزت قصص مأساوية لأطفال قضوا في الغارات، بعدما لجؤوا مع أسرهم إلى خيام النزوح ظنًا أنها أكثر أمانًا.
وفقدان الطفولة في غزة بات مشهدًا متكررًا، حيث لم تعد الحرب تفرق بين جندي ومدني، أو بين رجل وطفل، ومع تكرار القصف، تتلاشى ملامح الأمل في بقاء أي منطقة “آمنة” داخل القطاع.
وقف إطلاق نار يتهاوى
التصعيد الأخير جاء رغم استمرار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل أسابيع بوساطة أميركية، غير أن الأحداث الأخيرة أعادت التوتر إلى الواجهة، بعد تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحركة حماس بشأن خرق الهدنة.
الجيش الإسرائيلي أعلن مقتل أحد جنوده في اشتباك جنوب القطاع، ما اعتبره ذريعة لاستئناف الغارات، بينما أكدت حماس تمسّكها بالاتفاق، معتبرة أن التصعيد محاولة إسرائيلية للتهرب من التزاماتها الإنسانية.
تواصل الأوضاع في غزة الانزلاق نحو كارثة إنسانية. فمع ارتفاع أعداد القتلى والمصابين، وندرة المواد الطبية والغذائية، تتفاقم معاناة عشرات الآلاف من النازحين، والعالم يراقب بصمت، فيما تتراجع فرص تثبيت الهدنة يومًا بعد يوم.

