تشهد الحرب بين روسيا وأوكرانيا منذ أسابيع تصعيدًا جديدًا في استخدام الطائرات المسيّرة، إذ تحولت هذه التقنية إلى سلاحٍ رئيسي في معركة الاستنزاف بين موسكو وكييف.
وقالت مصادر إن هذا التطور في طبيعة الاشتباك العسكري يعكس تغيرًا جذريًا في ميزان القوى، ويطرح تساؤلات حول دلالات هذا التصعيد، وأهداف كل طرف منه، ومستقبل الحرب في ظل غياب الحلول الدبلوماسية.
تصعيد ممنهج
في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، شنت روسيا هجومًا واسعًا بطائراتٍ مسيّرة على العاصمة الأوكرانية، استهدف مناطق سكنية وأدى إلى إصابة 26 شخصًا، بينهم 6 أطفال، بحسب ما أوردت صحيفة كييف إندبندنت. وقد دوّت سلسلة انفجارات متتالية في أنحاء المدينة، فيما فعّلت السلطات الأوكرانية أنظمة الدفاع الجوي للتصدي للهجوم.
كما أعلن عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، أن إحدى المسيّرات الروسية أصابت مبنى سكنيًا مكوّنًا من تسعة طوابق في حي ديسنيانسكي، ما أدى إلى تدمير جزئي للطابقين الثاني والثالث. كما تضررت بناية أخرى مكوّنة من 16 طابقًا بسبب سقوط الحطام، واندلعت النيران في المباني المجاورة.
ما الرسائل الروسية؟
وأكدت مصادر أن طبيعة الأهداف الروسية تُظهر أن موسكو تركّز على ضرب البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، خصوصًا محطات الكهرباء والمياه، لإضعاف قدرة كييف على الصمود خلال فصل الشتاء القارس.
المسيّرات تصل موسكو
كما أعلنت روسيا إسقاط 121 طائرةً مسيّرة أطلقتها أوكرانيا خلال ليلة واحدة باتجاه الأراضي الروسية، من بينها مسيّرات استهدفت العاصمة موسكو ومنطقة بيلغورود الحدودية.
الطائرات المسيّرة.. كيف أصبحت محورًا رئيسيًا في الحرب؟
وأشارت المصادر إلى أن الطائرات المسيّرة تتميز بقدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة بتكلفة منخفضة مقارنة بالصواريخ التقليدية، كما أنها تمنح الطرف المهاجم مرونة تكتيكية عالية في التخفي والمناورة.
وترى المصادر أن هذه الهجمات المتبادلة تمثل نموذجًا واضحًا لحروب المستقبل، حيث تختفي الجبهات التقليدية لتحلّ محلها حروبٌ تكنولوجية هجينة، تجمع بين الهجمات السيبرانية والمسيّرات والطائرات دون طيار.
ما الدلالات الاستراتيجية؟
وقالت المصادر إن روسيا تسعى إلى تأكيد قدرتها على فرض الهيمنة الجوية، بينما تحاول أوكرانيا كسر هذه الهيمنة عبر توجيه ضربات رمزية داخل الأراضي الروسية. غير أن هذا التوازن الهش يحمل مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى تصعيد أوسع.
الاشتباك التكنولوجي المفتوح
واختتمت المصادر حديثها بالتأكيد على أن الحرب الروسية الأوكرانية دخلت مرحلة جديدة من الاشتباك التكنولوجي المفتوح، حيث تحاول كل من موسكو وكييف فرض معادلة الردع الخاصة بها، في ظل غياب المسار الدبلوماسي وتزايد الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا.
وتوقعت المصادر أن تتواصل هذه الضربات خلال الأشهر المقبلة، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء، الذي لطالما استخدمته روسيا كورقة ضغط استراتيجية.

