رغم الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب الأخيرة في قطاع غزة، بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” وضع خطة شاملة لإعادة العملية التعليمية إلى مسارها.
وبعد عامين من الانقطاع القسري، تستعد الوكالة لعودة أكثر من 640 ألف طالب فلسطيني إلى الدراسة، في خطوة تعد بمثابة إعلان حياة وسط الركام.
ويقول المستشار الإعلامي للوكالة عدنان أبو حسنة: إن العودة إلى التعليم “لن تنتظر بناء المدارس من جديد”، مشيرًا إلى أن الوكالة ستقيم فصولًا مؤقتة، حتى لو كانت داخل خيام أو مباني مدمرة جزئيًا، مستعيدًا مشهد البدايات الأولى بعد نكبة عام 1948، حين كانت الخيام رمزًا لأول صفوف تعليم اللاجئين.
من الخيام إلى الفصول المؤقتة
الخطة الجديدة، كما أوضح أبو حسنة، لا تتوقف عند إعادة الطلبة فحسب، بل تشمل تدريب الكوادر التعليمية وتوفير أدوات تعليمية بديلة في بيئة تكاد تفتقر لكل شيء.
العديد من المدارس تحولت إلى أنقاض أو مراكز إيواء، فيما تواجه الوكالة تحديات في توفير الكهرباء والمياه والإنترنت لتشغيل العملية التعليمية.
وبرغم هذه الظروف، تصر الأونروا على أن التعليم هو “أداة الصمود الأولى”، وأن إعادة الأطفال إلى الدراسة تعني ترميم الوعي والأمل في جيلٍ أنهكته الحرب.
قطاع صحي منهك وخدمات تحت النار
وبالتوازي مع التعليم، تعمل الأونروا على إعادة تشغيل القطاع الصحي في غزة، بعد أن دمرت معظم مرافقها، وكانت الوكالة تدير قبل الحرب 22 عيادة مركزية كبرى، لم يبق منها سوى ست عيادات تعمل حاليًا، إلى جانب عشرات النقاط الطبية المتنقلة التي تغطي المناطق المنكوبة.
ويشير أبو حسنة إلى أن فرق الأونروا قدمت منذ السابع من أكتوبر أكثر من عشرة ملايين زيارة طبية، رغم شح الأدوية وانقطاع الإمدادات، مؤكدًا أن الوكالة ما تزال الجهة الأكثر قدرة على تقديم الرعاية والخدمات الإنسانية في القطاع.
خدمات لا تنقطع رغم الحصار
وتواصل فرق الأونروا إدارة مراكز الإيواء وتوزيع المياه وجمع النفايات الصلبة في ظروف وصفت بأنها “الأقسى في تاريخ الوكالة”.
لكن إسرائيل كما يؤكد أبو حسنة، ما يزال يمنع إدخال المواد الغذائية عبر قنوات الأونروا، ما يعرض مئات الآلاف من اللاجئين لخطر المجاعة والأوبئ، ورغم ذلك، تستمر الوكالة في تشغيل ما تبقى من موظفيها ونقاطها الميدانية، متكئة على خبرتها الطويلة وثقة السكان بها كمصدرٍ وحيدٍ للأمان الإنساني.
أزمة مالية تخنق الوكالة
وفي موازاة التحديات الميدانية، تواجه الأونروا أزمة مالية خانقة، حيث تحتاج إلى نحو 200 مليون دولار حتى نهاية العام لتغطية الخدمات الأساسية ودفع رواتب العاملين في مناطق عملياتها الخمس، غزة، الضفة الغربية، القدس، لبنان، وسوريا، والأردن.
ويحذر أبو حسنة من أن انهيار الدعم الدولي سيعني توقف الخدمات الحيوية لملايين اللاجئين، مؤكدًا أن استمرار التمويل هو الضمان الوحيد لبقاء “شريان الحياة” مفتوحًا في وجه الكارثة الإنسانية المتفاقمة.