ذات صلة

جمع

في ظل الظروف المُعقّدة سياسيًا واقتصاديًا.. كيف تتم إعادة إعمار غزة؟

بعد الحرب المدمّرة التي اجتاحت قطاع غزة، لا تزال...

من العمل الخيري إلى التجسس.. تمدد الإخوان في النمسا يطرق أبواب الاستخبارات

خلال السنوات الأخيرة، برزت مدينة فيينا، عاصمة النمسا، كإحدى...

الشرق الأوسط ينهض من ركام الميليشيات.. ملامح نظام جديد يتشكل

تعيش منطقة الشرق الأوسط لحظةً فاصلةً في تاريخها الحديث،...

في ظل الظروف المُعقّدة سياسيًا واقتصاديًا.. كيف تتم إعادة إعمار غزة؟

بعد الحرب المدمّرة التي اجتاحت قطاع غزة، لا تزال مسألة إعادة الإعمار تتصدر النقاشات الإقليمية والدولية، فقطاع غزة اليوم أمام مفترق طرق، حيث إنه وفقًا لأحدث تقارير الأمم المتحدة، فإن حجم الخسائر المادية يُقدَّر بما بين 70 إلى 90 مليار دولار، في حين تشير التقديرات الزمنية إلى أن العملية قد تمتدّ لعقود، بسبب تعقيدات التمويل والانقسام السياسي وتداخل المصالح الدولية والإقليمية.

وأكدت مصادر أن ما يجعل مهمة إعادة إعمار غزة أكثر صعوبة هو أن إعادة الإعمار ليست مجرد مشروع هندسي لإصلاح ما دمّرته الحرب، بل هي عملية سياسية واقتصادية وأمنية معقّدة تتشابك فيها مصالح القوى الكبرى والإقليمية.

ما هي أبرز ملامح خطة ترامب؟

تتمحور أبرز نقاط خطة الرئيس الأمريكي حول نزع سلاح حركة حماس وضمان عدم عودتها إلى السيطرة العسكرية على القطاع، وإقامة سلطة فلسطينية موحّدة تدير القطاع تحت إشراف دولي، وتخصيص صندوق دولي لإعادة الإعمار بتمويل عربي وغربي، وضمان أمن إسرائيل على المدى الطويل من خلال مراقبة دولية للحدود والمعابر، إلا أن هذه البنود تصطدم بواقع ميداني وسياسي معقّد.

الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس

وأوضحت مصادر أن أحد أكبر التحديات أمام إعادة الإعمار هو الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس، ففي الوقت الذي أعلنت فيه حماس استعدادها للقبول بـ”هيئة فلسطينية وطنية” مدعومة دوليًا، لا تزال السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تطالب بأن تكون هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة الإعمار.

وأكدت المصادر أن غياب الثقة بين الطرفين يعمّق الأزمة، فالممولون الدوليون يرفضون تحويل الأموال إلى سلطة منقسمة أو إلى طرف لا يتمتع باعتراف كامل، مما يجعل العملية رهينة للتوافقات السياسية.

وتؤكد المصادر أن أي خطة إعمار لا بد أن تُدمج ضمن مشروع إقليمي أوسع يشمل ربط غزة بالضفة الغربية، وتسهيل الحركة التجارية عبر المعابر البرية والبحرية، وتطوير ميناء ومطار جديدين لتخفيف العزلة الاقتصادية.

خسائر بشرية

وأشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 300 ألف منزل في القطاع دُمّر كليًا أو جزئيًا، أي ما يعادل نحو 60% من إجمالي المساكن، كما دُمّرت 92% من الطرق الرئيسية والبنية التحتية للنقل، في حين تضررت معظم المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس، ليصبح نحو 100% من طلاب غزة خارج العملية التعليمية منذ الحرب.

ما هي التحديات الأمنية والسياسية؟

وأوضحت المصادر أن الدول الممولة تخشى من عودة التوترات بين إسرائيل والفصائل المسلحة، أو وقوع اقتتال داخلي فلسطيني يعيد الأمور إلى نقطة الصفر. وتشير تقارير إلى أن اتفاق شرم الشيخ تضمّن خطة مرحلية تبدأ بوقف إطلاق النار، ثم إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في غزة بإشراف عربي ودولي، تليها مرحلة الإعمار، لكن بقاء الخلافات بين القوى الفلسطينية واستمرار التهديدات الإسرائيلية يجعلان مستقبل العملية غامضًا.

دور مصر في عملية إعمار قطاع غزة

يُذكر أن مصر تلعب دورًا محوريًا في إعادة إعمار غزة، باعتبارها الجار الأقرب وصاحبة النفوذ السياسي والأمني في الملف الفلسطيني، فقد قادت القاهرة منذ الأيام الأولى للهدنة جهودًا لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنسّق مع الأمم المتحدة والدول المانحة بشأن المعابر وإدخال مواد البناء والمساعدات الإنسانية، كما تعمل مصر على إطلاق مشروعات بنية تحتية في شمال القطاع بتمويل إماراتي وسعودي، تشمل الطرق والجسور ومحطات الكهرباء.

ما هي آفاق المستقبل؟

إن إعادة إعمار غزة تمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء القطاع بطريقة أكثر استدامة وعدالة، لكن نجاحها يتطلب توافقًا سياسيًا فلسطينيًا شاملًا، وضمانات دولية حقيقية لعدم تكرار الحروب، ومشاركة فعّالة من القطاع الخاص في المشروعات الكبرى، وإدارة شفافة للأموال المخصصة للإعمار.