جاءت ردة فعل طهران على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة بنبرة تجمع بين التحفظ والرفض، إذ وصفت وزارة الخارجية الإيرانية حديث ترامب عن الرغبة في اتفاق سلام بأنه “مناورة سياسية” تهدف إلى تلميع صورة واشنطن بعد مشاركتها في الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية.
وأكد المتحدث باسم الخارجية أن أي حديث عن حوار لا يمكن أن يكون ذا معنى بينما “تواصل الولايات المتحدة سلوكها العدائي والإجرامي ضد الشعب الإيراني”، على حد قوله.
ظلال الضربات الجوية على مسار الدبلوماسية
تأتي تصريحات ترامب بعد أشهر من انضمام واشنطن إلى إسرائيل في قصف منشآت نووية داخل الأراضي الإيرانية، وهو ما اعتبرته طهران تصعيدًا مباشراً وعدوانًا على سيادتها.
وجاءت هذه التطورات عقب خمس جولات من المحادثات النووية غير المباشرة بين الجانبين، توقفت فجأة بسبب خلافات جوهرية حول نسب التخصيب وآليات الرقابة الدولية.
ويرى مراقبون أن الضربات الأميركية–الإسرائيلية الأخيرة أغلقت عملياً الباب أمام أي تقدم دبلوماسي، ودفعت القيادة الإيرانية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها التفاوضية.
بين خطاب ترامب ومخاوف طهران
في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي، أبدى ترامب ما اعتبره البعض “عرضًا غير مباشر” لطهران، قائلاً: “سيكون رائعًا التوصل إلى اتفاق سلام”. لكنه في الوقت ذاته شدد على أن امتلاك إيران للسلاح النووي “سيجعل الدول العربية غير مرتاحة”، في إشارة إلى أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يضمن الحد الكامل من القدرات النووية الإيرانية.
وردت طهران على هذه التصريحات ببيان مقتضب أكدت فيه أن برنامجها النووي مخصص حصراً للأغراض المدنية، متهمة واشنطن بتضليل الرأي العام العالمي عبر تصوير البرنامج كتهديد عسكري.
توازن حذر بين الردع والتهدئة
في الأوساط الإيرانية، ينظر إلى تصريحات ترامب على أنها جزء من استراتيجية “الضغط المقنن”، إذ يحاول البيت الأبيض إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات من موقع القوة بعد الضربات العسكرية الأخيرة.
ومع ذلك، يدرك صانعو القرار في طهران أن الانخراط في أي حوار الآن سيفسر على أنه تنازل سياسي، خصوصًا بعد التصعيد الأخير في مياه الخليج واستمرار العقوبات الاقتصادية التي تخنق الاقتصاد الإيراني.
سيناريوهات مفتوحة واحتمالات متشابكة
في ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن طهران تتعامل بحذر مع الدعوة الأميركية، مفضلة مراقبة مواقف الحلفاء في موسكو وبكين قبل اتخاذ أي خطوة.
ويرى محللون أن إيران قد تترك الباب مواربًا أمام الحوار لتجنب مزيد من العزلة، لكنها لن تقبل بأي مفاوضات لا تضمن وقفًا كاملاً للهجمات واستعادة الثقة المتآكلة مع واشنطن.