ذات صلة

جمع

كيف فشلت حركة النهضة في تونس في استثمار الأزمات الاقتصادية لتأليب الشارع ضد الحكومة؟

تصاعدت عدة تحديات اقتصادية واجتماعية متلاحقة في تونس خلال...

غزة بعد الحرب.. عودة مؤلمة تحت الركام مع بدء الانسحاب الإسرائيلي

بعد عامين من القتال المستمر، دخل اتفاق وقف إطلاق...

كيف تؤثر الأزمة الاقتصادية على الاستقرار السياسي في العراق؟

كشفت عدة تقارير أن من أبرز التحديات التي تواجه...

كيف فشلت حركة النهضة في تونس في استثمار الأزمات الاقتصادية لتأليب الشارع ضد الحكومة؟

تصاعدت عدة تحديات اقتصادية واجتماعية متلاحقة في تونس خلال الفترة الأخيرة، منها ارتفاع معدلات البطالة وتضخم الأسعار، ورغم ذلك، لم تتمكن حركة النهضة، الحزب الإسلامي البارز في البلاد، من تحويل هذه الأزمات الاقتصادية إلى رصيد سياسي يُضعف الحكومة الحالية ويؤجج الاحتجاجات الشعبية.

تدهور الاقتصاد في تونس

يعاني الاقتصاد التونسي منذ سنوات من عدة أزمات تراكمية، أبرزها ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والخريجين الجامعيين، والتضخم المتزايد الذي أثر على القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى عجز الموازنة وارتفاع الدين العام المحلي والخارجي، وضعف الاستثمارات الأجنبية المباشرة نتيجة عدم الاستقرار السياسي والأمني.

ورغم هذه المؤشرات السلبية، فإن الشارع التونسي لم يلقِ باللوم الكامل على الحكومة الحالية فقط، بل بدأ ينظر إلى الوضع الاقتصادي باعتباره نتيجة تراكمية لأخطاء سابقة منذ الثورة، مما صعّب على النهضة استغلال الأزمة بشكل كامل لصالحها.

وشهدت تونس حالة من التململ الشعبي تجاه الأحزاب التقليدية بعد سنوات من السياسات المتخبطة، وهو ما شمل حركة النهضة نفسها. ومع كل أزمة اقتصادية، كان الشارع يدرك أن النهضة جزء من منظومة سياسية لم تقدم حلولًا ناجعة منذ وصولها إلى الحكم بعد الثورة.

أسباب فشل النهضة

أحد أبرز أسباب فشل النهضة في تحريك الشارع هو ضعف خطابها الاقتصادي وعدم وضوحه، وغياب رؤية واضحة لمعالجة البطالة وتخفيض الأسعار أو تحسين الوضع المعيشي. كما ركزت الحركة على الخطاب السياسي والديني بدل معالجة القضايا الاقتصادية اليومية التي تؤثر مباشرة على المواطن، ولم تقدم حلولًا ملموسة خلال فترات الأزمات، ما قلل من مصداقيتها في أعين الشعب.

كما أن حركة النهضة تعمل ضمن بيئة سياسية معقدة، حيث تتوزع السلطة بين أحزاب متعددة، وتواجه تحديات من حكومة غير متجانسة، فيما أضعفت الائتلافات الحكومية قدرتها على المناورة وتحريك الشارع ضد الحكومة.

كذلك، استغلت المعارضة الأخرى الفشل الاقتصادي لتوجيه النقد العام، مما حد من قدرة النهضة على استغلال الأزمة لصالحها، في حين أدى ظهور أحزاب وحركات شبابية مستقلة إلى تقليص تأثير النهضة على الرأي العام.

وتلعب وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في تشكيل الرأي العام وتوجيه الاحتجاجات الشعبية. وهنا واجهت النهضة تحديات متعددة، إذ ركزت وسائل الإعلام التونسية على نقد جميع الأحزاب بشكل متوازن، بما فيها النهضة. كما ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في كشف التناقضات الداخلية للحركة، ما أضعف مصداقيتها في الشارع.

وأثبتت التجارب السابقة أن الشارع التونسي أصبح أكثر وعيًا وتعقيدًا، ولم يعد الانخراط في الاحتجاجات الاقتصادية يعتمد على خطاب سياسي واحد. كما أن المواطنين يتخذون مواقف متوازنة، إذ يميزون بين أخطاء الحكومة والسياسات العامة والخطاب الحزبي، بينما تُعد الاحتجاجات الحالية غالبًا احتجاجات شعبية مباشرة على الوضع المعيشي، وليس لها انتماء حزبي محدد.

ما هي الأزمات السياسية المقترنة بالاقتصاد؟

ارتبطت الأزمة الاقتصادية في تونس بعدة أزمات سياسية، منها التجاذبات بين النهضة والحكومتين السابقة والحالية، ما قلل من قدرتها على التأثير. وأصبح الشعب يرى أن الخلافات السياسية الداخلية تعطل الإصلاح الاقتصادي، وهو ما جعل من الصعب على النهضة تحريك الرأي العام ضد الحكومة.

كما أن فقدان الحركة القدرة على تقديم خطاب موحد وواضح جعل موقفها ضعيفًا في مواجهة الأزمات.

ما هي التحديات الخارجية؟

العوامل الإقليمية والدولية أثرت أيضًا على فشل النهضة، منها القيود المالية والاقتصادية الدولية المفروضة على تونس، مثل الديون والمنح، إضافة إلى صعوبة تحريك الشارع دون مراعاة الاعتبارات الاقتصادية الدولية.

كما أن تدخل القوى الإقليمية في السياسات الداخلية قلل من قدرة النهضة على التأثير السياسي المباشر